تنصرف النفس عن اللذة التي بعثتها.
صداقة الفضيلة:
هي المحبة التي يكون باعثُها اعتقادُ كلٍّ من الشخصين أن صاحبه على جانب من كمال النفس، وهذه هي الصداقة التي يهمنا الحديث عنها في هذا المقام.
ليست صداقة المنفعة ولا صداقة اللذة بمعدودة في خصال الشرف، وإنما الذي يصح أن يعد خصلة شريفة هو الصداقة التي يبعثها في نفسك مجردُ اعتقادِ أن صاحبك يتحلى بخلق كريم.
وهذه الصداقة تشبه سائر الفضائل في رسوخها في النفس، وإيتائها ثمراً طيباً في كل حين، وهي التي توجد من الجبان شجاعة، ومن البخيل سخاءً؛ فالجبان قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يخوض في خطر؛ ليحمي صديقه من نكبة، والبخيل قد تدفعه قو ة الصداقة إلى أن يبذل جانباً من ماله لإنقاذ صديقه من شدة؛ فالصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة؛ فالمتكبر تنزل به الصداقة إلى أن يتواضع لأصدقائه، وسريع الغضب تضع الصداقة في نفسه شيئاً من كظم الغيظ، ويجلس لأصدقائه في حلم وأناة، وربما اعتاد التواضع والحلم، فيصير بعدُ متواضعاً حليماً. والفضل