"عاتب من ترجو رجوعه". (الأصمعي)
لم يزل الناس منذ أن عرف الناسُ الناسَ، يصطفي أحدهم من الآخرين أصدقاء يحفظون عليه حاجتهُ إلى المدنية، ومتى كان صديق الفضيلة فاضلاً؟ إلا أن تختصَه عن غيره بمزيد ودّ وتقدير واحترام، يشعر حينها بأفضليته ويبادلك الشعور الذي يعز له النظير، وهؤلاء هم الخاصة المعنيون بالرسالة، المستحقون للعتاب الإيجابي، أما من سواهم فلن يزيدهم العتاب إلاّ فراراً:
وقد أدرك هذا المعنى الشاعر الساخر إبراهيم المازني فقال:
خليلي ما يغني العتاب إذا انطوى ... على البغض قلبٌ كالزمان حؤول
إذا لم يكن صدقي الوداد بنافعي ... فكل مقالات العتاب فضول
لم تزل العامة تقول: (غلطة الشاطر بعشر) أي تعادل عشر أغلاط من غيره، والذي يستدعي العتاب فيما بين الأصدقاء هي تلك الغلطة التي تصدر من الشاطر! أما من استربت ودّهُ لحداثة العهد بالصداقة أو غيرها، فعتابه ومن شاكله معدود من البوائق العائدة على صاحبها بالوكسة، والملول من جنس ذلك، قال ابن الروميّ: