الصداقة، فإن حام في قلبك شبهة أن يكون هذا الإخلال ناشئاً عن التهاون بحق الصداقة - فهذا موضع العتاب - والعتاب يستدعي جواباً، فإن اشتمل الجواب على عذر أو اعتراف بالتقصير، فاقبل العذر وقابل التقصير بصفاء الخاطر وسماحة النفس، وعلى هذا الوجه يحمل قول الشاعر:
أُعاتب ذا المودّة من صديق ... إذا ما سامني منه اغترابُ
إذا ذهب العتاب فلا ودادٌ ... ويبقى الودُّ ما بقي العتابُ"
وذكر غير واحد، منهم الثعالبي وصاحب المستظرف، عن إياس بن معاوية قال:
"خرجتُ ومعي رجلٌ من الأعراب، فلما كان ببعض المناهل لقيه ابن عمّ له فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخٌ من الحيّ يفن، فقال لهما: انعما عيشاً، إنّ المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعثُ العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة".
إذاً؛ فعندما يقول لك صديقك إنّ العتاب هو صابون القلوب، أخبره أنّ رغوة الصابون قد تحرق العيون!