يحب إِلَّا الله وَلَا يعبد إِلَّا إِيَّاه وَلَا يتوكل إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا يطْلب من غَيره وَهُوَ الْمَعْنى الَّذِي يجب أَن يقْصد بقول الشَّيْخ أبي يزِيد حَيْثُ قَالَ: (أُرِيد ألاّ أُرِيد إِلَّا مَا يُرِيد) أَي المُرَاد المحبوب المرضي وَهُوَ المُرَاد بالإرادة الدِّينِيَّة وَكَمَال العَبْد أَلا يُرِيد وَلَا يحب وَلَا يرضى إِلَّا مَا أَرَادَهُ الله ورضيه وأحبه وَهُوَ مَا أَمر بِهِ أَمر إِيجَاب أَو اسْتِحْبَاب وَلَا يحب إِلَّا مَا يُحِبهُ الله كالملائكة والأنبياء وَالصَّالِحِينَ وَهَذَا معنى قَوْلهم فِي قَوْله [89 الشُّعَرَاء] : {إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم} قَالُوا: هُوَ السَّلِيم مِمَّا سوى الله أَو مِمَّا سوى عبَادَة الله أَو مِمَّا سوى إِرَادَة الله أَو مِمَّا سوى محبَّة الله فَالْمَعْنى وَاحِد وَهَذَا الْمَعْنى إِن سمي فنَاء أَو لم يسم هُوَ أول الْإِسْلَام وَآخره وباطن الدَّين وَظَاهره.
وَأما النَّوْع الثَّانِي: فَهُوَ الفناء عَن شُهُود السوى، وَهَذَا يحصل لكثير من السالكين فَإِنَّهُم لفرط انجذاب قُلُوبهم إِلَى ذكر الله وعبادته ومحبته وَضعف قُلُوبهم عَن أَن تشهد غير مَا تعبد وَترى غير مَا تقصد لَا يخْطر بقلوبهم غير الله بل وَلَا يَشْعُرُونَ إِلَّا بِهِ كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى [10 الْقَصَص] : {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا إِن