المحبوب من تَمام محبَّة المحبوب فَإِذا أحب أَنْبيَاء الله وأولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الْحق لَا لشَيْء آخر فقد أحبهم لله لَا لغيره وَقد قَالَ تَعَالَى [54 الْمَائِدَة] : {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} .
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى [31 آل عمرَان] : {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} فَإِن الرَّسُول لَا يَأْمر إِلَّا بِمَا يحب الله وَلَا ينْهَى إِلَّا عَمَّا يبغضه الله وَلَا يفعل إِلَّا مَا يُحِبهُ الله وَلَا يخبر إِلَّا بِمَا يحب الله التَّصْدِيق بِهِ.
فَمن كَانَ محبا لله لزم أَن يتبع الرَّسُول فيصدقه فِيمَا أخبر ويطيعه فِيمَا أَمر ويتأسى بِهِ فِيمَا فعل وَمن فعل هَذَا فقد فعل مَا يُحِبهُ الله فَيُحِبهُ الله.
وَقد جعل الله لأهل محبته علامتين: اتِّبَاع الرَّسُول وَالْجهَاد فِي سَبيله وَذَلِكَ لِأَن الْجِهَاد حَقِيقَة الِاجْتِهَاد فِي حُصُول مَا يُحِبهُ الله من الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح وَمن دفع مَا يبغضه الله من الْكفْر والفسوق والعصيان وَقد قَالَ تَعَالَى [24 التَّوْبَة] : {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} فتوعد من كَانَ أَهله وَمَاله أحب إِلَيْهِ من الله وَرَسُوله وَالْجهَاد فِي سَبيله بِهَذَا الْوَعيد بل قد ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي " الصَّحِيح " أَنه قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمن