سَعَادَة لَمْ يَسْتَمِدّهَا مِنْ اَلْقُصُور وَالْبَسَاتِين وَالْأَرَائِك وَالْأُسْرَة وَالْحِيَاد وَالْمُرَكَّبَات وَالْأَكْوَاب والدنان والمزاهر وَالْعِيدَانِ وَالذَّهَب اَللَّامِع وَاللُّؤْلُؤ اَلسَّاطِع وَالْأَثْوَاب اَلْمُطَرَّزَة وَالْغَلَائِل اَلْمُرَصَّعَة لِأَنَّهُمَا كَانَا قريين فَقِيرَيْنِ بَلْ اِسْتَمَدَّهَا مِنْ مَطْلَع اَلشَّمْس وَمَغْرِبهَا وَإِقْبَال اَللَّيْل وَإِدْبَاره وَتَلَأْلُؤ اَلسَّمَاء بِنُجُومِهَا اَلزَّاهِرَة وَالْأَرْض بِأَعْشَابِهَا اَلنَّاضِرَة وَمِنْ اَلْوَقَفَات اَلطِّوَال فَوْق اَلصُّخُور اَلْبَارِزَة عَلَى ضِفَاف اَلْبُحَيْرَة اَلْهَادِئَة وَالْجَلَسَات اَلْحُلْوَة اَلْجَمِيلَة عَلَى اَلْأَعْشَاب اَلنَّاعِمَة تَحْت ظِلَال اَلْأَشْجَار الوارقة وَمِنْ سَمَاع أَنَاشِيد اَلْحَيَاة وَأَغَانِي اَلرُّعَاة وَضَوْضَاء اَلسَّمَاء فِي غُدُوّهَا وَرَوَاحهَا وَبُكَاء اَلنَّوَاعِير فِي مَسَائِهَا وَصَبَاحهَا وَمِنْ اَلْحُبّ اَلطَّاهِر اَلشَّرِيف اَلَّذِي يُشْرِق عَلَى اَلْقُلُوب اَلْحَزِينَة فَيُسْعِدهَا وَالْأَفْئِدَة اَلْمُظْلِمَة فَيُنِيرهَا وَالْأَجْنِحَة اَلْكَسِيرَة فيريشها وَاَلَّذِي هُوَ اَلْعَزَاء اَلْوَحِيد عَنْ كُلّ فَائِت فِي هَذِهِ اَلْحَيَاة وَالسَّلْوَى عَنْ كُلّ مَفْقُود وَلَمْ يَزَلْ هَذَا شَأْنهَا حَتَّى كَانَ يَوْم اَلْبُحَيْرَة.
لَا تَعْرِف اَلْمَرْأَة لَهَا وُجُودًا إِلَّا فِي عُيُون اَلرِّجَال وَقَلَبُوهُمْ فَلَوْ خَلَتْ رُقْعَة اَلْأَرْض مِنْ وُجُوه اَلنَّاظِرَيْنِ أَوْ أَقْفَرَتْ حَنَايَا اَلضُّلُوع مِنْ خوافق اَلْقُلُوب لِأُصْبِح اَلْوُجُود وَالْعَدَم فِي نَظَرهَا سَوَاء وَلَوْ أَنَّ وَرَاءَهَا أَلْف عَيْن تَنْظُر إِلَيْهَا ثُمَّ لَمَحَتْ فِي كَوْكَب مِنْ كَوَاكِب اَلسَّمَاء نَظْرَة حُبّ أَوْ سَمِعَتْ فِي زَاوِيَة مِنْ زَوَايَا اَلْأَرْض أَنَّة وَجِدّ لِأَعْجَبِهَا ذَلِكَ اَلْغَرَام اَلْجَدِيد وَمَلَأَ قَبْلهَا غِبْطَة وَسُرُورًا.