فَذَلِكَ لِأَنَّنِي اِمْرَأَة سَاقِطَة أَوْ أُلَاقِي فِي مُسْتَقْبَل حَيَاتِي شَقَاء وَآلَامًا فَذَلِكَ لِأَنَّ اَلْمُسْتَقْبَل نَتِيجَة اَلْمَاضِي وَثَمَرَته اَلطَّبِيعِيَّة.

هُنَا ذَكَّرَتْك يَا أَرْمَان وَذَكَّرَتْ فِرَاقك وَكَيْفَ أَسْتَطِيعهُ وَذَكَّرْت أَنَا اَلَّتِي سَأَتَوَلَّى قَتْل نَفْسِيّ بِيَدِي لِأَنَّ اَلطَّرِيق اَلَّتِي لَا طَرِيق غَيْرهَا إِلَى بُلُوغ رِضَا أَبِيك وَمُوَافَاة رَغْبَته أَنْ أُقَاطِعك وأغاضبك وَاظْهَرْ أَمَامك بِمَظْهَر اَلْخَائِنَة اَلْغَادِرَة وَرُبَّمَا اِضْطَرَرْت إِلَى اَلِاتِّصَال بِغَيْرِك عَلَى مَرْأَى مِنْك وَمَسْمَع حَتَّى تَنْصَرِف عَنِّي اِنْصِرَاف يَائِس مَغْلُوب عَلَى أَمْره مِنْ حَيْثُ لَا يَكُون لِأَبِيك مُدْخَل فِي ذَلِكَ فَأَكُون قَدْ جَمَعَتْ عَلَى نَفْسِي بَيْن فِرَاقك وَغَضَبك فِي آن وَاحِد وَذُكِّرَتْ أَنْ لَا بُدّ لِي متي فَارَقَتْك أَنْ أَعُود إِلَى حَيَاتِي اَلْأُولَى اَلَّتِي أُبْغِضهَا وَأَمْقُتهَا لِأَنَّ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْسَى ذَنْبِي اَلَّذِي أذنبته إِلَيْهِ حَتَّى اَلْيَوْم وَلِأَنِّي فِي حَاجَة إِلَى بسطة مِنْ اَلْعَيْش أَسْتَعِين بِهَا عَلَى مُعَالَجَة مَرَضِي وَوَفَاء دِينِيّ فَدَارَتْ هَذِهِ اَلْخَوَاطِر فِي رَأْسَيْ سَاعَة وَطَالَتْ دَوْرَتهَا حَتَّى كَادَتْ تَغْلِبنِي عَلَى أَمْرِي ثُمَّ وَقَعَ نَظَرِي عَلَى وَجْه أَبِيك المخصل بِدُمُوعِهِ فَتَجَلَّدَتْ وَجَمَعَتْ أَمْرِي وَمَضَيْت قُدُمًا لَا أَلْوِي عَلَى شَيْء مِمَّا وَرَائِي.

لَقَدْ كَانَ شَدِيدًا عَلَيَّ جِدًّا أَنْ أُفَارِقك يَا أَرْمَان وَلَكِنَّ كا أَشُدّ عَلَى مِنْهُ أَنْ أَرَى أَبَاك يَبْكِي بَيْن يَدِي وَأَنْ أَكُون سَبَبًا فِي مَوْت أُخْتك أَوْ شَقَائِهَا.

إِنَّنِي أُحِبّ يَا أَرْكَان وَأَعْرِف آلَام اَلْحُبّ وَلَوْعَته فِي اَلنُّفُوس وَلَقَدْ كَانَ يُخَيَّل إِلَيَّ وَأَبُوك يُحَدِّثنِي عَنْ أُخْتك وَشَقَائِهَا أَنَّنِي أَرَاهَا مِنْ خِلَال دُمُوعِي طَرِيحَة فِرَاشهَا وَهِيَ تَمُدّ يَدهَا إِلَى ضارعة مُتَوَسِّلَة وَتَقُول بِالْإِغْوَاءِ يَا سَيِّدَتِي وَارْحَمِي ضِعْفِي وَشَبَابِي فَأَجِدّ لِكَلِمَاتِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015