إِنَّهَا جَمِيلَة جِدًّا وَبَيْضَاء مِثْل اَلْكَوْكَب وَطَاهِرَة طَهَارَة اَلْمَلِك وغريرة غرارة اَلطِّفْل فَاسْمَحِي لِهَذِهِ اَلْحَيَاة اَلْغَضَّة اَلزَّاهِرَة بِالْبَقَاءِ وَالسَّعَادَة فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقّ اَلشَّقَاء.
إِنَّهَا اَلْيَوْم تَعِيش بِالْأَمَلِ اَلَّذِي أَوْدَعَتْهُ قَلْبهَا يَوْم سَفَرِي فَإِنْ عُدْت إِلَيْهَا بِالْخَيْبَةِ عُدْت إِلَيْهَا بِالْيَأْسِ اَلْقَاتِل وَالْقَضَاء اَلنَّازِل.
إِنَّك تُحِبِّينَ أَرْمَان يَا مَرْغِرِيت وَقَدْ أَصْبَحَتْ أَعْتَقِد أَنَّك مُخْلِصَة فِي حُبّه إِخْلَاصًا عَظِيمًا فَاصْنَعِي مَا يَصْنَع اَلْمُحِبُّونَ اَلْمُخْلِصُونَ وَضَحِّي حُبّك مِنْ أَجْله وَمِنْ أَجْل مُسْتَقْبَله فَإِلَّا تَفْعَلِي ذَلِكَ مِنْ أَجْله فَافْعَلِيهِ مِنْ أَجْلِي.
لَقَدْ قُلْت لِي إِنَّهُ اَلرَّجُل اَلْوَحِيد اَلَّذِي أَحَبَّك لِنَفْسِك أَكْثَر مِمَّا أَحَبَّك لِنَفْسِهِ فَبَادِلِيهِ هَذَا اَلْحُبّ بَلْ كَوْنِي خَيْرًا مِنْهُ فِيهِ وَلْيَكُنْ عَزَاؤُك عَمَلَا تَلَاقِيهِ بَعْد فِرَاقه مِنْ حُزْن وَأَلَم أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ سَعِيدًا مَنْ بَعْدك وَأَنَّك قَدْ أَنْقَذْت مِنْ يَد اَلْمَوْت فَتَاة مِسْكِينَة وَمِنْ يَد اَلشَّقَاء شَيْخَا حرينا وَهُنَا أَخْتَنِق صَوْته بِالْبُكَاءِ فَهَبَطَ عَلَى كُرْسِيّه بَيْن يَدِي وَقَالَ بِنَغْمَة اَلْمُشْرِف اَلْمُحْتَضِر:
اِرْحَمِينِي يَا مَرْغِرِيت واشفقي عَلَى ضِعْفِي وَشَيْخُوخَتِي وَتَصَدَّقِي عَلَيَّ بِمُسْتَقْبَل وَلَدِي وَحَيَاة اِبْنَتِي.
ثُمَّ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقُول بَعْد ذَلِكَ شَيْئًا فَأَلْقَى رَأْسه عَلَى كُرْسِيّه اَلَّذِي كَانَ جَالِسَا عَلَيْهِ وَانْفَجَرَ بَاكِيًا.
آه لَوْ رَأَيْتنِي يَا أَرْمَان فِي مَوْقِفِي هَذَا وَرَأَيْت لَوْعَتِي وتفجعي