كِدْت أَقُول لَهُ وَلَا أَكْتُمك ذَلِكَ تَذْكُر يَا سَيِّدِي أَنَّك فِي مَنْزِلِي وَأَنَّنِي لَمْ أَدْعُك إِلَى زِيَارَتِي بَلْ أَنْتَ اَلَّذِي دَعَوْت نَفْسك بِنَفْسِك ثُمَّ ذَكَرَتْ مَكَانه مِنْك فَأَمْسَكَتْ عَنْ كُلّ شَيْء حَتَّى عَنَّ اَلْجَوَاب عَلَى سُؤَاله فَمَشَى يَضْرِب اَلْأَرْض بِعَصَاهُ وَبِقَدَمِهِ حَتَّى دَنَا مِنِّي وَأَلْقَى عَلَيَّ تِلْكَ اَلنَّظْرَة اَلَّتِي اِعْتَادَ اَلْأَشْرَاف اَلْمُتَرَفِّعُونَ أَنْ يُلْقُوهَا فِي طَرِيقهمْ عَلَى وُجُوه اَلنِّسَاء اَلْعَاهِرَات وَقَالَ لَقَدْ أَنْفَقَ وَلَدَيَّ عَلَيْك جَمِيع مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ اَلْمَال وَكَانَ فِي يَده اَلْكَثِير مِنْهُ ثُمَّ جَمِيع مَا أَرْسَلَتْهُ إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ وَقَدْ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَوْق طَاقَتِي فَلَمْ يَبْقَ فِي اِسْتِطَاعَته أَنْ يَمُدّك بِأَكْثَر مِمَّا أَمُدّك وَلَا فِي اِسْتِطَاعَتِي أَنْ استنزل لَهُ مِنْ اَلسَّمَاء ذَهَبًا يُمْطِرهُ عَلَيْك وَلَا فِي اِسْتِطَاعَتِي أَنْ أستنزل لَهُ مِنْ اَلسَّمَاء ذَهَبًا يُمْطِرهُ عَلَيْك فَدَعِيهِ وَشَأْنه فَالْبَلَد مَمْلُوء بِالْأَبْنَاءِ اَلَّذِينَ لَا يَحْتَاج آبَاؤُهُمْ إِلَيْهِمْ فَدَعِيهِ وَشَأْنه وَاَلَّذِينَ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْفُسهمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي فِي حَاجَة إِلَى وَلَدِي لِأَنِّي لَمْ أُرْزَق وَلَدًا سِوَاهُ وَمَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ هَذِهِ اَلثَّرْوَة مِنْ اَلْجِمَال اَلَّتِي تَمْلِكِينَهَا لَا يَضِيق بِهِ مَذْهَب مِنْ مَذَاهِب اَلْعَيْش وَلَا يَتَلَوَّى عَلَيْهِ مَأْرَب مِنْ مَآرِب اَلْحَيَاة فَسَرَّتْ كَلِمَاته فِي نَفْسَيْ سُرْيَان اَلْحُمَّى فِي عِظَام اَلْمَحْمُوم وَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ هَذَا اَلْمَائِل أَمَامِيّ لَا يُحَدِّثنِي وَإِنَّمَا يجزعني اَلسُّمّ بِيَدِهِ تجريعا وَشَعَرَتْ بِذِلَّة لَمْ أَشْعُر بِمِثْلِهَا فِي يَوْم مِنْ أَيَّام حَيَاتِي إِلَّا أَنَّنِي تَجَلَّدَتْ وَاسْتَمْسَكَتْ وَرَدَّدَتْ نَفْسِيّ عَلَى بِالْإِغْوَاءِ وَقَلَّتْ لَهُ بِصَوْت هَادِئ سَاكِن لَا يمازجه غَضَب وَلَا نزق يَا سَيِّدِي نَعَمْ إِنَّنِي أَحَبّ وَلَدك وَلَكِنِّي لَا اطمع فِيهِ وَلَوْ كَانَ اَلَّذِي يَعْنِينَ مِنْهُ اَلطَّمَع فِي مَاله لفارقته مُنْذُ ثَلَاثَة شُهُور أَيْ مُنْذُ خَلَتْ يَده مِنْ اَلْمَال وَأَصْبَحَ لَا يَجِد اَلسَّبِيل إِلَيْهِ بِحَال مِنْ اَلْأَحْوَال بَلْ لفارقته قَبْل ذَلِكَ لِأَنَّ اَلَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يُسَاوِمُونَنِي فِي نَفْسِي مِنْ أَشْرَاف هَذَا اَلْبَلَد وَنُبَلَائِهِ مُنْذُ اِتَّصَلَتْ بِهِ حتي اَلْيَوْم أَفْضَل مِنْهُ وَأَكْثَر رَغَدًا عَلَى أَنَّ وَلَدك لَمْ يُنْفِق عَلَيَّ مِنْ هَذَا اَلْمَال