أَحْدَث نَفْسِي وَأَقُول:
لَيْتَ شِعْرِي أَلَّا يُوجَد فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا عَادِل وَلَا رَاحِم فَإِنْ خَلَتْ مِنْهُمَا رُقْعَة اَلْأَرْض فَهَلْ خَلَتْ مِنْهُمَا سَاحَة اَلسَّمَاء ? أَجْرَمَ اَلزَّعِيم اَلدِّينِيّ لِأَنَّهُ ضَنَّ عَلَى ذَلِكَ اَلشَّيْخ اَلْمِسْكِين بِدِرْهَم مِنْ مَال يَسُدّ بِهِ جَوَّعَتْهُ وجوعة أَهْل بَيْته فَاضْطَرَّ اَلرَّجُل إِلَى اِرْتِكَاب جَرِيمَة اَلسَّرِقَة فَعُوقِبَ اَلسَّارِق عَلَى سَرِقَته وَلَمْ يُعَاقَب اَلْقَاسِي عَلَى قَسْوَته وَلَوْلَا قَسْوَة اَلْقَاسِي مَا كَانَتْ سَرِقَة اَلسَّارِق.
وَأُجَرِّم اَلْأَمِير لِأَنَّهُ أَرْسَلَ قَائِده لِاخْتِطَاف فَتَاة حُرَّة لَا تُؤَثِّر أَنْ تَجُود بِعَرْضِهَا فَاضْطَرَّ أَخُوهَا إِلَى اَلذَّوْد عَنْهَا فَارْتَكَبَ جَرِيمَة اَلْقَتْل فَعُوقِبَ اَلْفَتَى عَلَى جَرِيمَته وَسُلَّم مِنْ اَلْعُقُوبَة مَنْ دَفَعَهُ إِلَى اَلْإِجْرَام.
وَأُجَرِّم اَلْقَاضِي لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكْرِه فَتَاة لَا تُحِبّهُ عَلَى اَلزَّوَاج مِنْهُ فَفَرَّتْ مِنْ وَجْهه فَعَاقَبُوهَا عَلَى فِرَارهَا وَلَمْ يُعَاقِبُوا اَلْقَاضِي عَلَى ظُلْمه وَاسْتِبْدَاده.
وه: ذَا أَصْبَحَ اَلْمُجْرِم بَرِيئًا وَالْبَرِيء مُجْرِمًا بَلْ أَصْبَحَ اَلْمُجْرِم قَاضِي اَلْبَرِيء وَصَاحِب اَلْحَقّ فِي مُعَاقَبَته فَهَلْ تَسْقُط اَلسَّمَاء عَلَى اَلْأَرْض بَعْد اَلْيَوْم أَمْ لَا تَزَال تُنِيرهَا بِكَوَاكِبِهَا وَنُجُومهَا وَتُمْطِرهَا غيثها مزنها.
ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى مَصْرَع اَلْمَقْبُورِينَ فَوَقْع نَظَرِيّ عَلَى بِرْكَة اَلدَّم اَلَّتِي اِجْتَمَعَتْ فِيهَا دِمَاء هَؤُلَاءِ اَلشُّهَدَاء فَرَأَيْت خَيَال نَجْم فِي اَلسَّمَاء يَتَلَأْلَأ فَوْق صَفْحَتهَا فَرَفَعَتْ نَظَرِيّ إِلَى اَلنَّجْم فَإِذَا هُوَ اَلْمِرِّيخ