أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الآبَنُوسِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْمُحْسِنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَبَلِيُّ الْحَافِظُ، فِي الْمُذَاكَرَةِ، قَالَ: كُنْتُ أَجْمَعُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَلَمَّا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ، جَلَسْتُ لَيْلَةً فِي بَيْتِي وَالسِّرَاجُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَأُمِّي فِي صَفِّهِ حِيَالَ الْبَيْتِ الَّذِي أَنَا فِيهِ، وَابْتَدَأْتُ أُنَظِّمُ الرِّقَاعَ، وَأُصَنِّفُهَا، فَحَمَلَتْنِي عَيْنِي، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ رَجُلا أَسْوَدَ قَدْ دَخَلَ إِلَيَّ بِعُودَيْ نَارٍ , فَقَالَ: تَجْمَعُ حَدِيثَ هَذَا الْعَدُوِّ لِلَّهِ، أَحْرِقْهُ وَإِلا أَحْرَقْتُكَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ بِالنَّارِ، فَصِحْتُ، وَانْتَبَهْتُ , فَجَرَتْ إِلَيَّ أُمِّي، وَقَالَتْ: مَا لَكَ؟ مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: هَذَا مَا رَأَيْتُهُ، وَجَمَعْتُ الرِّقَاعَ، وَلَمْ أَعْرِضْ لِعِلْمِ التَّصْنِيفِ، وَهَالَنِي الْمَنَامُ، وَعَجِبْتُ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرْتُ الْمَنَامَ لِشَيْخٍ مِنْ أَصَحْابِ الْحَدِيثِ كُنْتُ آنَسُ بِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي فُلانٌ , عَنْ فُلانٍ، فَذَكَرَ إِسْنَادًا لَسْتُ أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ، وَلَكِنَّهُ عَنَّهُ فِي الْحَالِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ هَذَا لَمَّا أَسْقَطَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْخُطَبِ عَلَى الْمَنَابِرِ لَعْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَقَدْ بَلَغَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَلْعَنُ فِيهِ عَلِيًّا , فَقَرَأَ مَكَانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] .
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ السُّنَّةَ السُّنَّةَ.
يُحَرِّضُهُ عَلَى لَعْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ عُمَرُ: اسْكُتْ قَبَّحَكَ اللَّهُ تِلْكَ الْبِدْعَةُ تِلْكَ الْبِدْعَةُ لا السُّنَّةُ، وَتَمَّمَ خُطْبَتَهُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَبَلِيُّ: فَعَلِمْتُ أَنَّ مَنَامِي كَانَ عِظَةً لِي مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَالِ، وَلَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِنْ عَمْرٍو هَذَا الرَّأْيَ، فَعُدْتُ إِلَى بَيْتِي وَأَحْرَقْتُ الرِّقَاعَ الَّتِي كُنْتُ جَمَعْتُ فِيهَا حَدِيثَهُ