الصراط المستقيم، والله تعالى يقول لنبيه: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون 73/ 23 و 74].

وعسى أن يتم على يد آخرها ما خبأه الله عن أولها، وعسى أن يكون ذلك مخبوءاً في هذا الفصل الذي نجده في أنفسنا بين بيان الله سبحانه، وبيان عباده من البشر.

{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [سورة الأنعام 149/ 6].

ورحم الله مالك بن أنس إذ يقول: ((لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها))، فإذا كان أولها لم يصلح إلا بالبيان، فآخرها كذلك لن يصلح إلا به، وإن امرأ يقتل لغته وبيانها، وآخر يقتل نفسه لمثلان، والثاني أعقل الرجلين!.

وشكر الله لأخي مالك بن نبي، وقد دعاني إلى كتابة مقدمة لكتابه: (الظاهرة القرآنية)، ففتح لي به باباً من القول في (إعجاز القرآن) كنت أتهيب أن ألجه، وباباً آخر من القول في (الشعر الجاهلي) كنت أماطل نفسي دونه، وأنا أعلم أني قد قصرت في ذلك كله واختصرت، وإن كنت قد أطلت، وأخشى أن أكون قد أمللت، ولكن عذري أن الرأي فيهما كان قد شابه ما كدره، فبذلت جهدي أن أمحص القول فيهما، حتى أنفي عنهما القذى، وأخلصهما من الأذى، مبتغياً بذلك وسيلة إلى ربي سبحانه، طلبت القربة عنده، {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل 111/ 16].

والحمد لله وحده، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا فضل إلا من عنده.

محمود محمد شاكر

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015