بذلك ذات قيمة مطلقة تقريباً في نظر المفسرين والفقهاء، ومع ذلك فها نحن أولاء نرى أن النبي قد ألغى بنفسه هذا الحديث أمام تجربة بستاني بسيط، مقرراً بذلك أسبقية العقل والتجربة في سير النشاط الدنيوي.
على أننا لا نجد حالة واحدة نسخ فيها النبي آية قرآنية بتجربة فردية حتى ولو كانت تجربته هو نفسه (?).
بل على العكس، ترينا بعض الأحداث في تاريخه تمسكه الشديد المطلق في هذا الباب، فهو لم يتخل مطلقاً عن آية قرآنية مهما كان الثمن، بل نراه يعدل فجأة عن الحج الذي كان قد اتخذ له أهبته في السنة السابقة، وكان السبب الوحيد لهذا العدول هو أن الوحي قد أمره به، فنزل على أمره، مهما أوشك هذا أن يثير فوض في المعسكر الإسلامي (?).
فنحن إذن أمام فكرتين تتمثلان في نظر النبي بقيمتين مختلفتين: الفكرة الشخصية التي تنبعث من معرفته البشرية، والوحي القرآني المنزل عليه.