عبد الأعلى بفارس وهو فارسيٌّ، عباس هذا قال -وكان معه بيت بأربعة دراهم- فقال:
إني لصبٌّ دائمُ الوَسْوَاسِ ... مُوَكَّل بالهَمِّ والإفلاسِ
أَفْرَق رأسَ الشَّهرِ من عبَّاسِ ... له وَكِيلٌ نَبَطِيٌّ قَاسِي
لَه عليَّ كلَّ شهرٍ أربَعَة ... منْ أجلِ بيتٍ لي قليلِ المَنْفَعَة
ومَا لِضَيْفِي إِنْ أتانِي مِنْ سَعَة ... وهامَتِيْ مِنْ سَقْفِه مُقْلَعَة [ل/44أ]
قَدْ صارَ في رَأْسِي مِثْلَ القُنْزُعة
وإِنْ قَعَدْتُ نَالَ رأسِي الرَّفَّا ... مِمَّا إذَا قُمتُ نَطَحْتُ السَّقْفَا
يَحْضُر فيه الفَأْرُ والجِرْدانُ ... فَنِصْفُ بَيْتِي لَهُمْ مَيْدَانُ
وَفِي الهَوَى البَعُوضُ والذِّبَّانُ ... فَهُنَّ مِنْ جُنُوبِنا سِمَانُ
يُردِيْنَنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ... فَمَا لَنَا فِي الْبَيْتِ مِنْ قَرَارِ
فَلَعْنَةُ الله وسُوءُ الدَّارِ ... عَلَى الْبَرَاغِيْثِ نَعَمْ والفارِ
أَخْرَجَهُنَّ اللهُ مِنْ جِوَارِي ... إِلَى الْجَحِيمِ عاجلا والنَّارِ
إذَا هَدَا اللَّيْلُ وصاحَ الصَّرْصَرُ ... وَاصْطَحَبَ الفأْرُ وعِنْدِي كِسَرُ
فَغَنَّتِ الأُنْثَى وصَاحَ الذَّكَرُ ... كَالصَّنْجِ والعُوْدُ عليه الوَتَرُ
وجُنْدُ وِرْدَانَ مَعَ الخَنَافِسِ ... يَجُلْنَ فِي البيتِ بِغَيْرِ سَائِسِ
يَطْلُبْنَ مِنْ فُتَاتِ خُبْزٍ يَابِسِ ... وَلَيْسَ فِي حِرْمَانِها بآيِسِ
لمَاَّرَاَيْتُ القَرْضَ في جِرَابِي ... وَأَثَرَ الِجْرذَانِ في ثِيَابِي
عَدَوْتُ بِالسِّنَّوْر ذِي الأَنْيابِ ... وَذِيْ مَخاليْبَ له صِلاَبِ
خوّفتُ فأرَ البيتِ بالعَذَابِ ... تخوّفَ الصِّبْيانِ بالكُتَّابِ