190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ثنا هُشَيْمٌ، , عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ إِذَا مَاتَ فِيهِ» كَذَلِكَ قَالَ هُشَيْمٌ أَوْ كَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ. إِنَّمَا كَتَبْتُهُ عَلَى الْحِفْظِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَتَأْوِيلُ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ فِي النَّفْسِ أَنَّهَا الدَّمُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْهَوَامِ , وَمَا كَانَ مُشَابِهًا لَهَا مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ , يَمُوتُ فِي قَلِيلِ الْمَاءِ وَكَثِيرِهِ , وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ أَيْضًا , وَهُوَ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَنَا. وَلَا أَحْسِبُ الْعُلَمَاءَ تَوَسَّعَتْ فِي هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ الرُّوحِ , إِلَّا أَنَّ هَذِهِ لَا نُزُوحَ فِي مَوْتِهَا , وَلَا تُنْتِنُ كَغَيْرِهَا , لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهَا , فَاسْتَوَتْ حَيَاتُهَا -[254]- وَمَوْتُهَا , وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِهَا كَالْجَنَادِبِ وَالصَّرَاصِرِ وَالْعَنَاكِبِ , وَالْعَقَارِبِ , وَجَمْعُ هَوَامِ الْأَرْضِ هُوَ عِنْدِي مِثْلُ تِلْكَ الْأُولَى فَأَمَّا دَوَابُّ الْمَاءِ لَا مَوْتَ فِيهِ مِثْلُ السَّمَكِ وَالضَّفَادِعِ وَالسَّلَاحِفِ وَالسَّرَاطِينِ وَنَحْوِهِنَّ وَلَا أَحْسِبُ الرُّخْصَةَ فِيهَا جَاءَتْ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ , لِأَنَّ هَذِهِ قَدْ تَكُونُ لِبَعْضِهَا دَمٌ , وَلَكِنَّ ذَاكَ عِنْدِي لِأَنَّ مَسَاكِنَهَا الْمَاءُ وَبِهِ قِوَامُهَا فَكَيْفَ تُنَجِّسُهُ وَهِيَ مِنْهُ وَلَهُ؟ فَلِهَذَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى السَّعَةِ فِيهَا. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْجَرَادِ , بَلْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ جِهَتَيْنِ , أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَعْضَهُمْ تَجْعَلُهُ فِي صَيْدِ الْبَحْرِ فَيَقُولُ: هُوَ بَثْرَةُ حُوتٍ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي دَمٍ وَالشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا -[255]- زَكَاةَ لَهُ , وَكَذَلِكَ السَّمَكُ لَا يُنَجِّسُ مَوْتُهُ الْمَاءَ , وَإِنْ ظَهْرَ لَهُ لَوْنُ الدَّمِ , فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ دَمًا , وَمِنْ أَجْلِ فَقْدِ الدَّمِ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ إِنَّهُ لَوْلَا الِاتِّبَاعُ لَكَانَ اجْتِنَابُ هَذِهِ كُلِّهَا وَإِتْيَانُ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مِنَ الَّتِي وَصَفْنَا شَيْءٌ أَطْيَبُ لِلنَّفْسِ , وَأَبْرَأُ لِلصَّدْرِ , وَلَكِنَّا لَهُمْ , فِي كُلِّ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مُتَّبِعُونَ , فَلَا نَرَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ كُلِّهَا يُفْسِدُ عَلَى الرَّجُلِ طَهُورَهُ وَلَا صَلَاتَهُ وَأَمَّا الْحَيَّاتُ وَالْأَوْزَاغُ فَإِنَّهَا عِنْدَنَا مُفَارِقَةٌ لِكُلِّ مَا سَمَّيْنَا , وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهَا دَمًا فِي رُؤُسِهَا , فَإِذَا مَاتَتْ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَكُونُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِ لِمَا أَعْلَمْتُكَ فِي الدَّمِ. وَأَحْسِبُ الْعَظَايَةَ مِثْلَهَا عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ مِثْلَهَا مَقْتُولًا فَأَعْرِفُ مَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ