الْمَوَادُّ مِثْلَ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَنَحْوِهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا مِنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ ذَلِكَ , وَهُمَا عِنْدَنَا سِيَّانٌ , وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ قُلَّةٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَإِنَّهُ مُرْسَلٌ لَا نَعْلَمُهُ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا قِلَالُ هَجَرٍ , لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْكِيزَانَ الَّتِي يُشْرَبُ فِيهَا قِلَالًا يَكُونُ مَبْلَغُ الْكُوزِ مِنْهَا , الرَّطْلَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ رَأَيْنَاهَا نَحْنُ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ النَّاسُ الْكِيزَانَ الصِّغَارَ , فَوَجْهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدِي , تِلْكَ الْقِلَالُ إِنْ كَانَ حَفِظَ , وَكَذَلِكَ وَجْهُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْقَوْلِ فِي أَرْبَعِينَ , وَالشَّاهِدُ لِقَوْلِنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآخَرُ , وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَا يُخْبِثُ أَرْبَعِينَ دَلْوًا شَيْءٌ , وَإِنِ اسْتَحَمَّ فِيهِ خَبَثٌ» فَذَكَرَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً فِي مَوْضِعٍ , وَأَرْبَعِينَ دَلْوًا فِي آخَرَ , فَهَذَا يُنَبِّئُكَ أَنَّهَا هَذِهِ الْقِلَالُ الَّتِي وَصَفْنَاهَا , لِأَنَّ الْقُلَّةَ مِنْهَا نَحْوٌ مِنَ الدَّلْوِ , فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعُونَ , كَانَتْ نَحْوًا مِنَ الْقُلَّتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مِنْ قِلَالِ هَجَرٍ , فَحَدِيثُهُ