يُنْكِرُونَ ذَلِكَ , وَقَالُوا فِيهِ نَحْوَ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ , غَيْرَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عِنْدَهُمْ يُوَقِّتُونَهُ لِهَؤُلَاءِ , عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ حَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمَصَانِعِ الْعِظَامِ أَنَّهَا لَا تَنْجُسُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّ الَّذِي عِنْدَنَا فِي الْمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْدِيدُ وَالتَّوْقِيتُ بِالظَّنِّ وَالرَّأْيِ لِأَنَّ الطَّهُورَ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ الْمَفْرُوضِ , وَلَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ , وَإِنَّا تَدَبَّرْنَا الْآثَارَ فَوَجَدْنَاهَا قَدْ نَقَلَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ , مِنْهَا: اثْنَانِ عَامَّانِ , وَوَاحِدٌ خَاصٌ , فَالْعَامَّانِ: هُمَا الْبَابُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي , اللَّذَانِ فِيهِمَا السَّعَةُ وَالتَّغْلِيظُ , وَالْخَاصُّ: هُوَ الْبَابُ الَّذِي فِيهِ الْوَقْتُ. فَمَنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا الْعُمُومُ خَرَجَا بِهِ إِلَى مَا يَفْحُشُ , وَتُنْكِرُهُ الْأُمَّةُ. أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مَنَ جَعَلَ الرُّخْصَةَ عَامَّةً , فَقَالَ: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ أَبَدًا , فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا , فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ فِي رَجُلٍ أَتَى بِإِنَائِهِ لِيَتَوَضَّأَ مِنْهُ