لأن كثرة مران القاضي في مثل هذه القضايا تجعل من طبعه الأناة وعدم التسرع في الحكم. فالطبيب الجراح أضبط لأعصابه من والد المريض الذي يرى ولده تحت المشرط.
ولكثرة ما نشاهده في الناس من عدم الصبر في مثل هذه القضايا، وسرعة الانفعال، بل وعدم علمهم بالأحكام الشرعية، فليست كل أسرة لديها الدارس الفاهم من جهة الرجل، والدارس الفاهم من جهة المرأة.
وشدة التصاق الحكمين بالزوجين قد يُحرك أموراً قديمة في النفس، وأسباب أخرى كثيرة قرأتها في صفحات المجتمع الذي عشت فيه بمصر والبلاد العربية التي خالطت أهلها.
تجعلني أؤكد ضرورة أن يكون التفريق بيد القاضي، وليس وللحكمين سوى الشهادة بعد مهمتهما الأولى وهي محاولة الصلح.
وقد ذكر صاحب المفصل في أحكام المرأة دراسة واسعة في هذا الموضوع يحسن للدارس أن يرجع إليها. ولكنني عبرت عن الرأي الذي أرتاح له في عصرنا لما عمَّتْ به البلوى.
وللشاعر العربي الأستاذ محمد مصطفى حمام شعر في الموضوع
لا تخافوا شقاقا في بيوتكمو ... بل اضمروا الحبُّ يبقى الحبُّ منتصراً
فإن تعاظمكم خلف وأعضلكم ... فخالفوا آمر التفريق إن أمرا
واستخلصوا حكما من أهلكم وخذوا ... من أهلها حكماً واسترحموا القدرا
ولستُ أرضى سوى الأهلين محكمة ... وليبق سري وسرُّ البيت مدَّخرا
فإن قضى الله تفريقا فنازلة ... إن تلق صبرا فطوبى للذي صبرا
وربما كان في التفريق منفعة ... قد يبرأ الجسم من عضو قد انبترا
لست من الذي يخلطون بين الفتوى والورع، فالورع خاص بمن يفتى به.
وخصوصاً في مثل موضوع الطلاق.