ومعلومٌ أنَّ التعيين بالقرعة أولى من التعيين بالوطء، فإنَّ القرعة تخرج من قدَّر الله إخراجه بها، ولا يتهم بها، والوطء تابعٌ لإرادته وشهوته، ويجوز أن يشتهي غير من كان في نفسه إرادة طلاقها، فهو متهم في التعيين، فالتعيين بالطريق الشرعي أولى من التعيين بالتشهي والإرادة.
وممَّا يوضحه أنَّ أبا حنيفة قد قال فيما إذا أعتق إحدى أمتيه ثم وطئ إحداهما: أنَّ الوطء لا يعين المعتقة من غيرها (?).
قال أصحابه (?): الفرق بينهما أنَّ الطلاق يوجب التحريم، وذلك ينفي النكاح، فلما وطئ إحداهما دلَّ على أنَّه مختار أن تكون زوجته، فإنَّه لا يطأ من ليست زوجته، وأمَّا العتق فإنَّه وإن أوجب تحريم الوطء فإنه إذا وطئ إحداهما تعين التحريم في الأخرى، وتحريم الوطء (?) لا ينافي ملك اليمين، كأخته من الرضاع.
فقال المنازعون لهم: الطلاق لا يوجب التحريم عندكم، فإنَّ الرجعة مباحة، وإنَّما الموجب للتحريم انقضاء العدة واستيفاء العدد،