1 - (فَصْلٌ) وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلظَّعِينَةِ الَّتِي حَمَلَتْ كِتَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَأَنْكَرَتْهُ. فَقَالَ لَهَا: " لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنك " فَلَمَّا رَأَتْ الْجَدَّ أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا.
وَعَلَى هَذَا: إذَا ادَّعَى الْخَصْمُ الْفَلَسَ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ مَعَهُ، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْحَاكِمِ: الْمَالُ مَعَهُ وَسَأَلَ تَفْتِيشَهُ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إجَابَتُهُ إلَى ذَلِكَ، لِيَصِلَ صَاحِبُ الْحَقِّ إلَى حَقِّهِ.
«وَقَدْ كَانَ الْأَسْرَى مِنْ قُرَيْظَةَ يَدَّعُونَ عَدَمَ الْبُلُوغِ فَكَانَ الصَّحَابَةُ يَكْشِفُونَ عَنْ مَآزِرِهِمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَعْلَمُونَ بِذَلِكَ الْبَالِغَ مِنْ غَيْرِهِ» ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِي مَسْأَلَةِ الْهَارِبِ - وَفِي يَدِهِ عِمَامَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ أُخْرَى، وَآخَرُ حَاسِرَ الرَّأْسِ خَلْفَهُ - عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ لِظُهُورِ صِدْقِ صَاحِبِ الْيَدِ إلَى هَذَا الْعِلْمِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
فَكَيْفَ تُقَدَّمُ الْيَدُ - الَّتِي غَايَتُهَا أَنْ تُفِيدَ ظَنًّا مَا، عِنْدَ عَدَمِ الْعَارِضِ - عَلَى هَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ الْيَقِينِيِّ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى الشَّرِيعَةِ.
2 - (فَصْلٌ) وَمِنْ ذَلِكَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ أَنْ يَدْفَعَ اللُّقَطَةَ إلَى وَاصِفِهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا كَذَلِكَ» فَجَعَلَ وَصْفَهُ لَهَا قَائِمًا مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ وَصْفُهُ لَهَا أَظْهَرَ