وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْقُرْعَةَ مُزِيلَةٌ لِلتُّهْمَةِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّهَا تَفْوِيضٌ إلَى اللَّهِ لِيُعَيِّنَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ مَا لَيْسَ لَنَا سَبِيلٌ إلَى تَعْيِينِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلًا، وَلَهُ بَنَاتٌ، فَمَاتَ، وَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُنَّ هِيَ؟ فَقَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقْرِعُ عِنْدَ اخْتِلَاطِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ.
قِيلَ: قَدْ جَعَلَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا اخْتَلَطَتْ بِأَجَانِبَ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ، لِأَنَّهُ أَجَازَ الْقُرْعَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخَوَاتِهَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِهِنَّ. قُلْت: هَذَا وَهْمٌ مِنْ الْقَاضِي، فَإِنَّ أَحْمَدَ لَمْ يُقْرِعْ لِلْحِلِّ، وَإِنَّمَا أَقْرَعَ لِلْمِيرَاثِ وَالْعِدَّةِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ نُصُوصَهُ بِأَلْفَاظِهَا.
قَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْجَامِعِ ": بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، فَزَوَّجَ إحْدَاهُنَّ، فَمَاتَ الْأَبُ وَمَاتَ الزَّوْجُ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهنَّ هِيَ الزَّوْجَةُ؟ أَنْبَأَنَا أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ - فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، فَزَوَّجَ إحْدَاهُنَّ، لَا يَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ - إنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، أَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَمَاتَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ، وَلَا يَدْرِي الشُّهُودُ أَيَّ بَنَاتِهِ هِيَ؟ فَسَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ وَرِثَتْ وَاعْتَدَّتْ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: سَأَلْت حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ فَقَالَ: يَرِثْنَ جَمِيعًا وَيَعْتَدِدْنَ جَمِيعًا.
وَقَالَ صَالِحٌ قَالَ أَبِي: قَدْ وَرَّثَ مَنْ لَيْسَ لَهَا مِيرَاثٌ، وَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ عَلَى مَنْ لَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَاَلَّذِي يُقْرِعُ: فِي حَالٍ يَكُونُ قَدْ أَصَابَ، وَفِي حَالٍ يَكُونُ قَدْ أَخْطَأَ، وَذَاكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ وَرَّثَ مَنْ لَيْسَ لَهَا مِيرَاثٌ.
قَالَ الْخَلَّالُ: أَنَبَأَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: سَأَلْت سَعِيدًا عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ إحْدَى بَنَاتِهِ - وَسَمَّاهَا - وَمَاتَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ؟ فَحَدَّثَنَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُمَا قَالَا: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْأَثْرَمُ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ - فِي رَجُلٍ زَوَّجَ إحْدَى بَنَاتِهِ رَجُلًا، فَمَاتَ، وَمَاتَ الزَّوْجُ، وَلَمْ تَدْرِ الْبَيِّنَةُ أَيَّتُهُنَّ هِيَ -؟ قَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَإِذَا قَرَعَتْ وَاحِدَةٌ: وَرِثَتْ، وَاعْتَدَّتْ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ قَالَا: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ.
قَالَ حَنْبَلٌ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ،