أَيْ أَقْرَعَ، فَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْقُرْعَةُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضَاؤُهُ، فَمَنْ رَدَّ الْقُرْعَةَ فَقَدْ رَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَاءَهُ وَفِعْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَنْ قَدْ عَلِمَ بِقَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُفْتِي بِخِلَافِهِ،، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَقَالَ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] .
قَالَ حَنْبَلٌ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ: مَنْ قَالَ بِغَيْرِ الْقُرْعَةِ فَقَدْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سُنَّتِهِ الَّتِي قَضَى بِهَا وَقَضَى بِهَا أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: فِي الْقُرْعَةِ خَمْسُ سُنَنٍ، حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: «إنَّ قَوْمًا أَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ دَرَسَتْ بَيْنَهُمْ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ» وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - حِينَ تَدَارَيَا فِي دَابَّةٍ - فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَحَدِيثُ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ، وَحَدِيثُ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَنْ فَعَلَهَا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَابْنَ الْمُسَيِّبِ، ثُمَّ تَعَجَّبَ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَمَا يَرُدُّونَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: وَقَالَ لِي أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ - وَذَاكَرَنِي أَمْرَ الْقُرْعَةِ فَقَالَ: أَرَى أَنَّهَا مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وَقَوْلَهُ: {فَسَاهَمَ} [الصافات: 141] .
وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ: الْقُرْعَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ: الْقُرْعَةُ قِمَارٌ قَوْمٌ جُهَّالٌ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا فِي السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ صَالِحٍ: أَقْرَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ، وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوْضِعَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي، أَبِي الزُّبَيْرُ «أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَتْ امْرَأَةٌ تَسْعَى، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تُشْرِفَ عَلَى الْقَتْلَى، قَالَ: فَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرَاهُمْ، فَقَالَ: الْمَرْأَةَ، الْمَرْأَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: فَتَوَهَّمْت أَنَّهَا أُمِّي صَفِيَّةُ، قَالَ: فَخَرَجْت أَسْعَى، فَأَدْرَكْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْقَتْلَى قَالَ: فَلَهَزَتْ فِي صَدْرِي - وَكَانَتْ امْرَأَةً جَلْدَةً وَقَالَتْ: إلَيْك عَنِّي، لَا أُمَّ لَك، قَالَ فَقُلْت: إنَّ