عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي رَبِّي بِمَحْقِ الْمَعَازِفِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْأَوْثَانِ، وَالصُّلُبِ وَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ» لَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ. وَالْفَرَجُ حِمْصِيٌّ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ آخَرُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ: دِمَشْقِيٌّ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ - وَهُوَ بَلَدِيُّهُ - لَا أَعْلَمُ بِهِ إلَّا خَيْرًا، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ، " وَالْمَحْقُ " نِهَايَةُ الْإِتْلَافِ. وَأَيْضًا: فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لِأَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ: هُوَ مَا قَبِلَ الْمُعَاوَضَةَ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَقْبَلُهَا أَلْبَتَّةَ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْأَصْنَامَ» وَهَذَا نَصٌّ، وَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» وَالْمَلَاهِي مُحَرَّمَاتٌ بِالنَّصِّ، فَحَرُمَ بَيْعُهَا.
وَأَمَّا قَبُولُ مَا فَوْقَ الْحَدِّ الْمُبْطِلِ لِلصُّورَةِ لِجَعْلِهِ آنِيَةً: فَلَا يَثْبُتُ بِهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ، لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ، حَيْثُ صَارَ جُزْءَ الْمُحَرَّمِ: أَوْ ظَرْفًا لَهُ، كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ، وَشَقِّ ظُرُوفِهَا، فَلَا رَيْبَ أَنَّ لِلْمُجَاوَرَةِ تَأْثِيرًا فِي الِامْتِهَانِ وَالْإِكْرَامِ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140] .
وَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْقَوْمِ: يَكُونُونَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، يُؤَاكِلُونَهُمْ وَيُشَارِبُونَهُمْ؟ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» هَذَا لَفْظُهُ أَوْ مَعْنَاهُ.