فكل واحد من هذين المصراعين على تمامه وحياله لا علقة بينهما مع حصول الفاصلة وهى الهمزة كما ترى.
لكن الثانى مرتبط بالأول لعلاقة بينهما، ومثاله قول امرىء القيس «1» :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط الّلوى بين الدّخول فحومل
فالأول منقطع عن الثانى، أما الثانى فمتصل بالأول لأجل حرف الجر فاتصاله بما قبله ظاهر كما ترى، وكقول أبى الطيب المتنبى «2» :
الرأى قبل شجاعة الشّجعان ... هو أوّل وهى المحلّ الثانى
فالأول منقطع، فأما الثانى فهو متصل لأجل الضمير فإنه متصل بما قبله.
أن يكون الشاعر مخيرا فى تقديم أحد المصراعين على الآخر أيهما شاء، وما هذا حاله يقال له التصريع الموجه ومثاله قول بعضهم:
من شروط الصّبوح فى المهرجان ... خفة الشّرب مع خلوّ المكان
فإن شئت جعلت الصدر عجزا والعجز صدرا وما هذا حاله فهو من الجودة بمكان رفيع، ولا يكاد يوجد إلا فى مقاصد الشعراء المفلقين.
أن يكون المصراع الأول من البيت غير مستقل بنفسه ولا يفهم معناه إلا بوجود الثانى، ويقال له التصريع الناقص، وما هذا حاله فليس مرضيا ولا معدودا فى الحسن، لكون المصراع الأول مضمنا معناه فى وجود الثانى، ومثاله قول أبى الطيب المتنبى «3» :
معانى الشعر طيبا فى المغانى ... بمنزلة الربيع من الزّمان
فالشطر الأول لا يستقل بنفسه دون أن يذكر الثانى.