الصلاة والزكاة وإن أفادا معنى غير مصطلح عليه فإنما هو باعتبار وضع اللغة، لا وضع الشرع، فإنهما أفادا معنى مصطلحا عليه فى الأوضاع الشرعية، فلهذا كانا بالحقائق الشرعية أخلق، كما أوضحناه من قبل، وكما ذكروا فى تعريف الحقيقة أمورا غير مرضيّة، فقد ذكروا فى تعريف المجاز أيضا، ونحن نذكرها ونظهر وجه ضعفها.
وحاصل ما قاله فى المجاز، هو كلّ كلمة أريد بها غير ما وضعت له فى وضع واضعها لملاحظة بين الثانى والأول، وهذا التعريف فاسد لأنه يقتضى خروج الحقيقة الشرعية، والعرفية إلى حدّ المجاز وخروجها عن حدّ الحقيقة وأنه غير جائز، لأن كل واحد منهما قد أريد به غير ما وضع له، وليسا بمجازين، وقد أشرنا فى ماهية الحقيقة إلى تأويل كلامه، فلا يرد عليه هذا الاعتراض.
وحاصل ما قاله أنه ما لم يقرّ فى الاستعمالات على أصل وضعه فى اللغة، وهذا فاسد بأمرين، أما أوّلا: فلأنه يبطل بالأعلام المنقولة من نحو أسد، وثور، فإنّ هذه الأعلام لم تبق على استعمالاتها فى اللغة، بل قد نقلت إلى هذه الأشخاص، والمعلوم أنها لا تكون مجازات، ولا يدخلها المجاز بحال، وأما ثانيا: «فلأن ما هذا حاله يبطل بالحقائق العرفيّة، والشرعية، فإنه قد استعملت فى غير ما وضعت له فى أصل اللغة، ولم تقرّ على تلك الاستعمالات اللغوية، ولا يقال بأنها مجازات.
وحاصل ما قاله أنه ما أفيد به غير ما وضع له، وهذا فاسد بالحقائق العرفية، والشرعية، فإنه قد أفيد بها غير ما وضعت له، فيلزم أن تكون مجازات، وقد قرّرنا كونها حقائق، فلا وجه لتكريره.
وحاصل قوله فى حقيقة المجاز: أنه ما أريد به غير المعنى الذى وضع له فى أصل اللغة، وهذا فاسد بما ذكرناه فى الحقائق العرفية، والشرعية فإنها قد أفادت خلاف ما وضعت له فى اللغة، فكان يلزم أن تكون مجازات وهو باطل.