343 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ , عَنْ -[740]- مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ لِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ الْمُرَادِيِّ حِينَ انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَمَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا قَيْسُ، أَنْتَ سَيِّدُ قَوْمِكَ الْيَوْمَ، وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ , قَدْ خَرَجَ بِالْحِجَازِ، يَقُولُ: إِنَّهُ نَبِيٌّ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا , كَمَا يَقُولُ , فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا، إِذَا لَقِينَاهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، عَلِمْنَا عِلْمَهُ , فَإِنَّهُ إِنْ سَبَقَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ سَادَنَا وَتَرَأَّسَ عَلَيْنَا وَكُنَّا لَهُ أَذْنَابًا، فَأَبَى عَلَيْهِ قَيْسٌ , وَسَفَّهَ رَأْيَهُ. فَرَكِبَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ فِي عَشْرَةٍ مِنْ قَوْمِهِ , حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بِلَادِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ خُرُوجُ عَمْرٍو، أَوْعَدَ عَمْرًا وَتَحَطَّمَ عَلَيْهِ , وَقَالَ: خَالَفَنِي وَتَرَكَ رَأْيِي، فَقَالَ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
[البحر الهزج]
أَمَرْتُكَ يَوْمَ ذِي صَنْعَا ... ءَ أَمْرًا بَادِيًا رُشْدُهْ
أَمَرْتُكَ بِاتِّقَاءِ اللَّـ ... ـهِ وَالْمَعْرُوفِ تَأْتَقِدُهْ
خَرَجْتَ مِنَ الْمَنِيِّ مِثْلَ ... الْحَمِيرِ عَارُهُ وَقْدُهْ
وَجَعَلَ عَمْرٌو يَقُولُ: قَدْ خَبَّرْتُكَ يَا قَيْسُ أَنَّكَ سَتَكُونُ ذَنَبًا تَابِعًا لِفَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ , وَجَعَلَ فَرْوَةُ يَطْلُبُ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ كُلَّ الطَّلَبِ , حَتَّى هَرَبَ مِنْ بِلَادِهِ , وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَمَّا ظَهْرَ الْعَنْسِيُّ خَافَهُ قَيْسٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَجَعَلَ يَأْتِيهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَرْصُدُ لَهُ فِي -[741]- نَفْسِهِ مَا يُرِيدُ , وَلَا يَبُوحُ بِهِ إِلَى أَحَدٍ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ دَقَّ فَيْرُوزُ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ عُنُقَهُ، وَجَعَلَ وَجْهَهُ فِي قَفَاهُ، وَقَتَلَهُ، فَحَزَّ قَيْسٌ رَأْسَهُ وَرَمَى بِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ خَافَ مِنْ قَوْمِ الْعَنْسِيِّ، فَعَدَا عَلَى دَاذَوَيْهِ فَقَتَلَهُ لِيُرْضِيَهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ دَاذَوَيْهِ فِيمَنْ حَضَرَ قَتْلَ الْعَنْسِيِّ أَيْضًا. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِقَيْسٍ فِي وَثَاقٍ. فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ , فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فِي قَتْلِهِ , وَقَالَ: اقْتُلْهُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ، يَعْنِي دَاذَوَيْهِ، فَإِنَّ هَذَا لِصٌّ عَادٍ، فَجَعَلَ قَيْسٌ يَحْلِفُ مَا قَتَلَهُ، فَأَحْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَتَلَهُ وَلَا عَلِمَ لَهُ قَاتِلًا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ. فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: لَوْلَا مَا كَانَ مِنْ عَفْوِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ لَقَتَلْتُكَ بِدَاذَوَيْهِ، فَيَقُولُ قَيْسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْعَرْتَنِي، مَا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ إِلَّا اجْتَرَأَ عَلَيَّ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ قَتْلِهِ. فَكَانَ عُمَرُ يَكُفُّ بَعْدُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَيَأْمُرُ إِذَا بَعَثَهُ فِي الْجُيُوشِ: أَنْ يُشَاوَرَ وَلَا يُجْعَلُ إِلَيْهِ عَقْدُ أَمْرٍ، وَيَقُولُ: إِنَّ لَهُ عِلْمًا بِالْحَرْبِ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ ". فَهَذَا حَدِيثُهُ