210 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْن -[467]- ِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ , بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى حَوْلَهَا الْخَيْلَ تَطَأُهُمْ، فَبَعَثَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَكَانَ نَافِعُ أَخَا الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ لِأُمِّهِ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غُزَاةً، غَزْوًا كَصَوَائِفِ الرُّومِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ قِتَالًا شَدِيدًا، لَقَدْ لَاقُوهُمْ أَوَّلَ يَوْمٍ فَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَقَدْ جُرِحَ مِنْهُمْ عَامَّتُهُمْ، وَانْصَرَفُوا بِجِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ وَحِدَق -[468]- ٍ مُفَقَّأَةٍ، سَمَّوْهُمْ يَوْمَئِذٍ: رُمَاةَ الْحِدَقِ، فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ مِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَلَّاهُ عُثْمَانُ , فَسَأَلُوهُ الصُّلْحَ وَالْمُوَادَعَةَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ، عَلَى هَدِيَّةٍ لِثَلَاثِمِائَةِ رَأْسٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ , وَيُهْدِي إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ طَعَامًا مِثْلَ ذَلِكَ ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَتَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ وَلَّى عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْفِهْرِيَّ، وَأَنَّهُ بَلَغَ زُوَيْلَةَ , وَأَنَّ مَا بَيْنَ زُوَيْلَةَ وَبَرْقَةَ سِلْمٌ، كُلُّهُمْ، قَدْ أَطَاعَ مُسْلِمُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَمُعَاهَدُهُمْ بِالْجِزْيَةِ، وَبَلَغَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ طَرَابُلْسَ فَفَتَحَهَا، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ: أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إِفْرِيقِيَّةَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دُخُولِهَا فَعَلَ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدِ اجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ وَعَلَى بِلَادِهِمْ وَعَرَفُوا قِتَالَهُمْ , وَلَيْسَ عَدُوًّا كُلُّ شَوْكَةٍ مِنْهُمْ، وَإِفْرِيقِيَّةُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْرِبِ، فَيُوَسِّعُ اللَّهُ بِمَا فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: وَلَوْ فُتِحَتْ إِفْرِيقِيَّةُ مَا قَامَتْ بِوَالٍ مُقْتَصِدٍ لَا جُنْدَ مَعَهُ، ثُمَّ لَا آمَنُ أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَإِنْ شَحَنْتَهَا بِالرِّجَالِ كَلِفْتَ حَمْلَ مَالِ مِصْرَ أَوْ عَامَّتِهِ إِلَيْهَا، لَا أُدْخِلُهَا جُنْدًا لِلْمُسْلِمِينَ أَبَدًا، وَسَيَرَى الْوَالِي بَعْدِي رَأْيَهُ «. فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَغْزَا النَّاسَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ -[469]- سَعْدٍ، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ أَنْ يَسِيرَ بِمَنْ مَعَهُ وَمَنْ أَمَدَّهُ بِهِمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ , فَخَرَجَ بِالنَّاسِ حَتَّى نَزَلَ بِقُرْبِهَا، فَصَالَحَهُ بَطْرِيقُهَا عَلَى صُلْحٍ يُخْرِجُهُ لَهُ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ غَازِيًا فِي عَشْرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَافْتَتَحَهَا , وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعَهُ غَيْضَةٌ لَا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا مِنَ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا خَرَجَ مِنْهَا هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ , حَتَّى أَنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لتَحْمِلُ أَوْلَادَهَا»