203 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَشْهَلِيُّ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ قَدْ بَلَغَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ: سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ فِي عَامِهِ الْأَوَّلِ دَخَلَ عَلَيْهِ حُوَيْطِبُ مَعَ مَشْيَخَةٍ جُلَّةٍ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ , وَمَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ ثُمَّ تَفَرَّقُوا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ حُوَيْطِبٌ يَوْمًا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَحَدَّثَ عِنْدَهُ. فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا سِنُّكَ؟ , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: تَأَخَّرَ إِسْلَامُكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ حَتَّى سَبَقَكَ الْأَحْدَاثُ، فَقَالَ حُوَيْطِبٌ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ بِالْإِسْلَامِ غَيْرَ مَرَّةٍ كُلُّ ذَلِكَ يَعُوقُنِي أَبُوكَ وَيَنْهَانِي، وَيَقُولُ: تَضَعُ شَرَفَكَ، وَتَدَعُ دِينَ آبَائِكَ لِدِينٍ مُحْدَثٍ، وَتَصِيرُ تَابِعًا؟ قَالَ: فَأَسْكَتَ وَاللَّهِ مَرْوَانَ، وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ قَالَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ حُوَيْطِبٌ: أَمَا كَانَ أَخْبَرَكَ عُثْمَانُ , رَحِمَهُ اللَّهُ , مَا كَانَ لَقِيَ مِنْ أَبِيكَ حِينَ أَسْلَمَ؟ فَازْدَادَ مَرْوَانُ غَمًّا. ثُمَّ قَالَ حُوَيْطِبٌ: مَا كَانَ فِي قُرَيْشٍ أَحَدٌ مِنْ كُبَرَائِهَا الَّذِينَ عَلَى -[444]- دِينِ قَوْمِهِمْ إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ كَانَ أَكْرَهَ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنِّي، وَلَكِنِ الْمَقَادِيرُ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَرَأَيْتُ عِبَرًا، رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تَقْتُلُ وَتَأْسِرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ , فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مَمْنُوعٌ، وَلَمْ أَذْكُرْ مَا رَأَيْتُ، فَانْهَزَمْنَا رَاجِعِينَ إِلَى مَكَّةَ، فَأَقَمْنَا بِمَكَّةَ وَقُرَيْشٌ تُسْلِمُ رَجُلًا رَجُلًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ حَضَرْتُ وَشَهِدْتُ الصُّلْحَ وَمَشَيْتُ فِيهِ حَتَّى تَمَّ، وَكُلُّ ذَلِكَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا مَا يُرِيدُ، فَلَمَّا كَتَبْنَا صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ , كُنْتُ أَنَا أَحَدَ شُهُودِهِ، وَقُلْتُ: لَا تَرَى قُرَيْشٌ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مَا يَسُوؤُهَا , قَدْ رَضِيتُ أَنْ دَافَعْتُهُ بِالرَّاحِ. وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ عَنْ مَكَّةَ، كُنْتُ فِيمَنْ تَخَلَّفَ بِمَكَّةَ أَنَا وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو , لِأَنْ يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَضَى الْوَقْتُ وَهُوَ ثَلَاثٌ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الثَّلَاثُ أَقْبَلْتُ أَنَا وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقُلْتُ: قَدْ مَضَى شَرْطُكَ , فَاخْرُجْ مِنْ بَلَدِنَا، فَصَاحَ: «يَا بِلَالُ، لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ وَأَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا»