قَالَ: فَلَمَّا ظَهَرَ وَلَدُ الْعَبَّاسِ فِي هَذِهِ الدَّوْلَةِ تَغَيَّبَا أَيْضًا فَلَمْ يَأْتِيَا أَحَدًا مِنْهُمْ فَسَأَلَ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ أَبُوهُمَا عَنْهُمَا بِنَحْوٍ مِمَّا قَالَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَكَفَّ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْهُمَا , فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَلَحَّ فِي طَلَبِهِمَا فَنَفَرَا مِنْهُ وَاسْتَوْحَشَا مِنْ ذَلِكَ فَازْدَادَا فِي التَّنَحِّي وَالْاخْتِفَاءِ , وَوَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّ , وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا فَغَيَّبَ فِي أَمْرِهِمَا وَكَفَّ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِمَا , وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَوَلَّى مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ الْمَدِينَةَ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا وَالْجِدِّ فِي ذَلِكَ فَفَعَلَ كَفِعْلِ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , وَلَمْ يَجِدَّ فِي طَلَبِهِمَا , وَكَانَ يَبْلُغُهُ أَنَّهُمَا فِي مَوْضِعٍ فَيُرْسِلُ الْخَيْلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ , وَكَانَتْ رُسُلُهُمَا تَأْتِيهِ بِأَخْبَارِهِمَا وَحَوَائِجِهِمَا فَيَقْضِيهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ , فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَوَلَّى الْمَدِينَةَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا وَالْجِدِّ مِنْ أَمْرِهِمَا فَأَلَحَّ رِيَاحٌ فِي طَلَبِهِمَا , وَلَمْ يُدَاهِنْ , وَلَمْ يُغَيِّبْ فَخَافَا , فَهَرِبَا فِي الْجِبَالِ وَتَشَدَّدَ رِيَاحُ بْنُ عُثْمَانَ عَلَى أَبِيهِمَا , وَأَهْلِ بَيْتِهِمَا وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ فِي إِشْخَاصِهِمْ إِلَيْهِ فَأَشْخَصَهُمْ فَوَافَوْهُ بِالرَّبَذَةِ , ثُمَّ حَدَرَهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ فَحَبَسَهُمْ بِالْهَاشِمِيَّةِ حَتَّى مَاتُوا فِي حَبْسِهِ , فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَخَرَجَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ , وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ , وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ , وَنَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ وَمِنَ الْأَعْرَاضِ مِنَ الْأَعْرَابِ وَمِنْ ضَوَى إِلَيْهِمْ فَبَيَّضَ وَخَرَجَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ وَدَعَى لَهُ بِالْخِلَافَةِ , وَأَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ