علوم الحديث المختلفة، منها ما يتعلق بهذه الأسانيد، كعلم الطبقات والجرح والتعديل والكنى والألقاب وغيرها، ومنها ما يتعلق بدراسة المتون. والمهم في دراستي علم الطبقات وعلم الجرح والتعديل، اللذان استقلا بمصنفات خاصة، ونبغ فيهما نقاد أفذاذ تكلموا في الرواة وأحوالهم، وحكموا على كل راوٍ بالحكم الذي يستحقه، أمثال: يحي القطان، وابن معين، وابن المديني، وابن حنبل، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، والبخاري مسلم وغيرهم من النقاد الأوائل. وكان من بين هؤلاء النقاد المتقدمين، محمد بن سعد مؤلف (الطبقات الكبرى) أهم كتب الطبقات المبكرة، وقد استعمل فيه ألفاظ الجرح والتعديل عند إرادته الحكم على الرجل. فاشتمل على مادة جيدة في علم الجرح والتعديل، واعتبر السخاويّ كلام ابن سعد في نقد الرجال كلاماً جيداً مقبولاً1. إلاَّ أن المعلومات المتعلقة بمادَتْيَ النسب، والتاريخ الثقافي والحضاري، طغت لسعتها وغزارتها على مادة الجرح والتعديل، فاشتهر الكتاب في أوساط المؤرخين أكثر من المحدثين.
ويعتبر كتاب (الطبقات الكبرى) لابن سعد من أقدم ما وصل إلينا من كتب الطبقات، لأن كتب التي دونت قبله على نظام الطبقات مازالت مفقودة2.
كما تظهر أهمية الكتاب في تنوع مادته، وفي دقة المؤلف بذكر الأسانيد –وفق منهج المحدثين- للروايات الحديثية، والتأريخية، وحتى الأخبار المتعلقة بالأوصاف الشخصية.
ولعل أهمية تكمن أيضاً في حسن اختيار المؤلف لمعلوماته المتنوعة من مصادرها المتخصصة، بأمانة علمية متناهية.
ومع هذا كله فلم يحظ الكتاب بالعناية العلمية التي يستحقها. فكان أول