من بادر إلى نشره، طائفة من المستشرقين، غير أنهم لم يعطوا المؤلف حقه في الترجمة، ولا الكتاب حقه في التحقيق. وعلى هذه الصورة طبع الكتاب في (ليدن) ولكن يبقى لهم فضل السبق في نشره على ضخامة حجمه. وقد فقدت صفحات كثيرة من تابعي أهل المدينة، في المجلد الخامس من الكتاب. لفت نظري وأرشدني إلى هذا السقط –مشكوراً- (الدكتور أكرم ضياء العمري) فوقفت على قطعة الساقطة، وحددت بدايتها ونهايتها، ورغبت في تحقيقها لأمور منها:
1- أنها تكمل كتاباً هاماً اعتمده أصحاب المغازي والسير، والمؤرخون والنسابون وأئمة الجرح والتعديل.
2- أنها من أقدم وأوفى ما كتب في التاريخ الثقافي للمدينة المنورة في القرنين الأولين من الهجرة، وقد فقدت المؤلفات المبكرة التي تناولت التاريخ الثقافي للمدينة، مما يجعل لهذه القطعة أهمية خاصة.
ولما شرعتُ بتحقيق واجهتني بعض الصعوبات التي أمكنني التغلب على بعضها، وهي:
1- كون النسخة الفريدة. إذ كانت الصعوبة تمكن في مقابلة النصوص بالكتب اللاحقة.
2- طول النسخة الخطية، البالغة اثنتين وثلاثين ومائتي صفحة.
3- وجود أسماء مبهمة لبعض الأعلام، الذين لا يمكن تمييزهم إلا بعد تعب ودقة فحص، وإمعان نظر. فالمؤلف يذكر مثلاً، أبا سلمة الذي يروي جعفر بن سليمان، وعنه أحمد ابن أبي إسحاق العبدي، والمُكَنَّوْن بأبي سلمة كثيرون، فلم أستطيع تمييزه لو لم يصرح أبو نعيم باسمه في الحلية.
4- وقد ترد بعض الأسماء المختصرة، التي تتعب الباحث في معرفة الاسم الكامل للحصول على المعلومات المتعلقة به والتي يحتاجها الباحث. فصاحب الترجمة 161 (محمد بن حلحلة الدَّيلي) بحثت عنه في الكتب