فقد بعث عمر بن الخطاب عدداً من الصحابة إليها ليفقهوا أهلها من بينهم عمران بن الحصين (ت 52هـ) 1، وغيره. وكان ممن عُرف من الصحابة القائمين على هذه المدرسة أيضاً: أبو موسى الأشعري (ت بعد سنة 60هـ) 2 وعبد الله بن عباس (ت 68 هـ) 3 وأنس بن مالك (ت 93هـ) 4 وغيرهم من الصحابة الذين وفدوا إليها وأقاموا فيها5 ووضعوا البذور الأولى، التي كانت فيما بعد بدء انطلاقة قوية لحركة فكرية تمثلت بالدروس القرآنية أولاً، وبالحديث ثانياً، ثم بالأبحاث اللغوية ثالثاً6.

وهكذا تربى شباب البصرة على أيدي من تربوا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا غرابة إذن أن تنشط الحركة العلمية، وتنتقل دفتها إلى أيدي التابعين، أمثال الحسن البصري (ت 110هـ) 7، ومحمد بن سيرين (ت 110هـ) 8.

ثم تتابعت الأيام وتوالت السنون، وأشرف القرن الأول على النهاية وقد نضجت بذور المتكلمين، الذين لم يقتنعوا بالمنقول، واضطروا خضوعاً لموقفهم الفكري إلى التأويل9. وقد قال ابن قتيبة في حديثه عنهم: يقولون على الله ما لا يعلمون ويفتون الناس بما يأتون، ويتهمون غيرهم في النقل، ولا يتهمون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015