قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ مِنِّي وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي وَنَكَحْتَ أُخْتِي الْحَسَنَةَ وَنَكَحْتُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ كُنْتَ خَيْرًا مِنِّي فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 29] أَمَّا قَوْلُهُ: بِإِثْمِي يَقُولُ: تَأْثَمُ بِقَتْلِي إِذَا قَتَلْتَنِي إِلَى إِثْمِكَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَنِي فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ يُوَارِ جَسَدَهُ {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [المائدة: 31] وَكَانَ قَتْلُهُ عَشِيَّةً، وَغَدَا إِلَيْهِ غُدْوَةً لَيَنْظُرَ مَا فَعَلَ فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَبْحَثُ عَلَى غُرَابٍ مَيِّتٍ فَقَالَ {يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} [المائدة: 31] كَمَا يُوَارِي هَذَا سَوْءَةَ أَخِيهِ فَدَعَا بِالْوَيْلِ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ثُمَّ أَخَذَ قَابِيلُ بِيَدِ أَخِيهِ ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْجَبَلِ يَعْنِي نَوْذَ إِلَى الْحَضِيضِ فَقَالَ آدَمُ لِقَابِيلَ: اذْهَبْ فَلَا تَزَالُ مَرْعُوبًا أَبَدًا لَا تَأْمَنُ مَنْ تَرَاهُ فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ إِلَّا رَمَاهُ فَأَقْبَلَ ابْنٌ لِقَابِيلَ أَعْمَى وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ لِلْأَعْمَى ابْنِهِ: هَذَا أَبُوكَ قَابِيلُ فَرَمَى الْأَعْمَى أَبَاهُ قَابِيلَ فَقَتَلَهُ فَقَالَ ابْنُ الْأَعْمَى يَا أَبَتَاهُ قَتَلْتَ أَبَاكَ فَرَفَعَ الْأَعْمَى يَدَهُ فَلَطَمَ ابْنَهُ فَمَاتَ ابْنُهُ فَقَالَ الْأَعْمَى: وَيْلٌ لِي قَتَلْتُ أَبِي بِرَمْيَتِي وَقَتَلْتُ ابْنِي بِلَطْمَتِي ثُمَّ حَمَلَتْ حَوَّاءُ فَوَلَدَتْ شِيثًا وَأُخْتَهُ عَزْوَرَا فَسُمِّيَ هِبَةُ اللَّهِ اشْتُقَّ لَهُ مِنِ اسْمِ هَابِيلَ فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ حِينَ وَلَدَتْهُ: هَذَا هِبَةُ اللَّهِ لَكِ بَدَلَ هَابِيلَ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ شَثٌّ وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ شَاثُ وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ شِيثٌ وَإِلَيْهِ أَوْصَى آدَمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَانَ آدَمُ يَوْمَ وُلِدَ شِيثٌ ابْنُ ثَلَاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ تَغَشَّاهَا آدَمُ فَحَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ يَقُولُ قَامَتْ وَقَعَدَتْ ثُمَّ أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ فَقَالَ لَهَا: يَا حَوَّاءُ مَا هَذَا فِي بَطْنِكِ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي قَالَ: فَلَعَلَّهُ يَكُونُ بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ