كَانَ عَامُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مَكَّةَ مُعْتَمِرًا حَمَلَ إِلَيْهِ ابْنُ عَامِرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ فَحَنَّكَهُ فَتَلَمَّظَ وَتَثَاءَبَ , فَتَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ فِي فِيهِ , وَقَالَ: «هَذَا ابْنُ السُّلَمِيَّةِ؟» . قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا ابْنُنَا , وَهُوَ أَشْبَهُكُمْ بِنَا , وَهُوَ مُسْقًى» , فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ شَرِيفًا , وَكَانَ سَخِيًّا كَرِيمًا كَثِيرَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ. وُلِدَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً , قَالُوا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْخِلَافَةَ أَقَرَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَلَى الْبَصْرَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ كَمَا أَوْصَى بِهِ عُمَرُ فِي الْأَشْعَرِيِّ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ سِنِينَ , ثُمَّ عَزَلَهُ عُثْمَانُ وَوَلَّى الْبَصْرَةَ ابْنَ خَالِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً , وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: إِنِّي لَمْ أَعْزِلْكَ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ , وَإِنِّي لَأَحْفَظُ قَيْدَ اسْتِعْمَالِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِيَّاكَ , وَإِنِّي لَأَعْرِفُ فَضْلَكَ , وَإِنَّكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ , وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَصِلَ قَرَابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ , وَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يُعْطِيَكَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى: وَاللَّهِ , لَقَدْ عَزَلَنِي عُثْمَانُ عَنِ الْبَصْرَةِ , وَمَا عِنْدِي دِينَارٌ , وَلَا دِرْهَمٌ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيَّ أُعْطِيَةُ عِيَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ , وَمَا كُنْتُ لِأُفَارِقُ الْبَصْرَةَ وَعِنْدِي مِنْ مَالِهِمْ دِينَارٌ , وَلَا دِرْهَمٌ , وَلَمْ يَأْخُذْ مِنِ ابْنِ عَامِرٍ شَيْئًا , فَأَتَاهُ ابْنُ عَامِرٍ , فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى , مَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي أَخِيكَ أَعْرَفُ بِفَضْلِكَ مِنِّي. أَنْتَ أَمِيرُ الْبَلَدِ إِنْ أَقَمْتَ , وَالْمَوْصُولُ إِنْ رَحَلْتَ. قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ يَا ابْنَ أَخِي خَيْرًا , ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْكُوفَةِ , وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ رَجُلًا سَخِيًّا , شُجَاعًا , وَصُولًا لِقَوْمِهِ وَلِقَرَابَتِهِ , مُحَبَّبًا فِيهِمْ , رَحِيمًا , رُبَّمَا غَزَا فَيَقَعُ الْحِمْلُ فِي الْعَسْكَرِ فَيَنْزِلُ فَيُصْلِحُهُ , فَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ إِلَى سِجِسْتَانَ , فَافْتَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَ بِهَا ابْنَ عِرْسٍ , وَلَا قُنْفُذَ , وَذَلِكَ لِمَكَانِ الْأَفْعَى بِهَا؛ إِنَّهُمَا يَأْكُلَانِهَا , ثُمَّ مَضَى إِلَى أَرْضِ الدَّوَّارِ فَافْتَتَحَهَا , ثُمَّ كَانَ ابْنُ عَامِرٍ يَغْزُو أَرْضَ الْبَارِزِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015