فِي نَاحِيَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِلْقَرَابَةِ فَلَمَّا عَزَلَ عُثْمَانُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَنِ الْكُوفَةِ دَعَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا , فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ قَدِمَهَا شَابًّا مُتْرَفًا لَيْسَتْ لَهُ سَابِقَةٌ , فَقَالَ: لَا أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ حَتَّى يُطَهَّرَ , فَأَمَرَ بِهِ فَغُسِلَ , ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَخَطَبَ أَهْلَ الْكُوفَةِ , وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَصَّرَ بِهِمْ فِيهِ , وَنَسَبَهُمْ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْخِلَافِ , فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا السَّوَادُ بُسْتَانٌ لِأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ , فَشَكَوْهُ إِلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ: كُلَّمَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَمِيرِهِ جَفْوَةً أَرَادَنَا أَنْ نَعْزِلَهُ , وَقَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ , فَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِصِلَاتٍ وَكُسًى , وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا , فَقَبِلَ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ , وَقَالَ عَلِيٌّ: " إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَفَوُّقًا , وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لَأَنْفُضَنَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَفْضَ الْقَصَّابِ التُّرَابَ الْوَذِمَةَ , ثُمَّ انْصَرَفَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْكُوفَةِ , فَأَضَرَّ بِأَهْلِهَا إِضْرَارًا شَدِيدًا , وَعَمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا أَشْهُرًا , وَقَالَ مَرَّةً بِالْكُوفَةِ: مَنْ رَأَى الْهِلَالَ مِنْكُمْ , وَذَلِكَ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا رَأَيْنَاهُ , فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا رَأَيْتُهُ , فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: بِعَيْنِكَ هَذِهِ الْعَوْرَاءِ رَأَيْتَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ هَاشِمٌ: تُعَيِّرُنِي بِعَيْنِي , وَإِنَّمَا فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ , ثُمَّ أَصْبَحَ هَاشِمٌ فِي دَارِهِ مُفْطِرًا وَغَدَّى النَّاسَ عِنْدَهُ , فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ , وَحَرَّقَ دَارَهُ , فَخَرَجَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ , وَنَافِعُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ , فَذَكَرَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا صَنَعَ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ , فَأَتَى سَعْدٌ عُثْمَانَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُثْمَانُ: سَعِيدٌ لَكُمْ بِهَاشِمٍ اضْرِبُوهُ بِضَرْبِهِ , وَدَارُ سَعِيدٍ لَكُمْ بِدَارِ هَاشِمٍ فَأَحْرِقُوهَا كَمَا حَرَّقَ دَارَهَ , فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ يَسْعَى حَتَّى أَشْعَلَ النَّارَ فِي دَارِ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ , فَبَلَغَ الْخَبَرُ عَائِشَةَ , فَأَرْسَلَتْ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ تَطْلُبُ إِلَيْهِ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يَكُفَّ , فَفَعَلَ وَرَحَلَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ الْأَشْتَرُ مَالِكُ