يَعْنِي شِبْهَهُ بِهِ. وَقَالَ: وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم وَابْنُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مُعْتَمَّيْنِ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ، قَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَسْفِرُوا تَعَرَّفُوا» , قَالَ: فَانْتَسَبُوا لَهُ وَكَشَفُوا عَنْ وجُوهِهِمْ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَيُّ مُطَّرِدٍ طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَوْ مَتَى طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ؟» قَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «لَا تَثْرِيبَ يَا أَبَا سُفْيَانَ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «بَصِّرِ ابْنَ عَمِّكَ الْوُضُوءَ وَالسُّنَّةَ وَرُحْ بِهِ إِلَيَّ» قَالَ: فَرَاحَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَصَلَّى مَعَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَنَادَى فِي النَّاسِ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ رَضِيَا عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَارْضَوْا عَنْهُ. قَالَ: وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَتْحَ مَكَّةَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَالطَّائِفَ هُوَ وَابْنُهُ جَعْفَرٌ، وَثَبَتَا مَعَهُ حِينَ انْكَشَفَ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَعَلَى أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَئِذٍ مُقَطَّعَةٌ بُرُودٌ وَعِمَامَةٌ بُرُودٌ، وَقَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِبُرْدٍ، وَهُوَ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْجَلَتِ الْغَبَرَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «مَنْ هَذَا؟» قَالَ: أَخُوكُ أَبُو سُفْيَانَ، قَالَ: «أَخِي أَيُّهَا اللَّهُ إِذًا» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَبُو سُفْيَانَ أَخِي وَخَيْرُ أَهْلِي وَقَدْ أَعْقَبَنِي اللَّهُ مِنْ حَمْزَةَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ» فَكَانَ يُقَالُ لِأَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ الرَّسُولِ. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ أَشْعَارًا كَثِيرَةً تَرَكْنَاهَا لَكَثْرَتِهَا، وَكَانَ مِمَّا قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَتْ أَفْنَاءُ كَعْبٍ وَعَامِرٍ ... غَدَاةَ حُنَيْنٍ حِينَ عَمَّ التَّضَعْضُعُ
بِأَنِّي أَخُو الْهَيْجَاءِ أَرْكَبُ حَدَّهَا ... أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أَتَتَعْتَعُ
رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ... إِلَيْهِ تَعَالَى كُلُّ أَمْرٍ سَيُرْجَعُ