عَلَى حَصِيرٍ وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَمَثُلَ عَلَى الْمَالِ قَائِمًا، وَجَاءَ النَّاسُ حِينَ رَأَوُا الْمَالَ وَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلَا وَزْنٌ، مَا كَانَ إِلَّا قَبْضًا، فَجَاءَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْطَيْتُ فِدَايَ وَفِدَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يَكُنْ لِعَقِيلٍ مَالٌ، فَأَعْطِنِي مِنْ هَذَا الْمَالِ، فَقَالَ: «خُذْ» قَالَ: فَحَثَا الْعَبَّاسُ فِي خَمِيصَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يَنْهَضُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ارْفَعْ عَلَيَّ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَتَّى خَرَجَ ضَاحِكُهُ أَوْ نَابُهُ قَالَ: «وَلَكِنْ أَعِدْ فِي الْمَالِ طَائِفَةً، وَقُمْ بِمَا تُطِيقُ» ، فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللَّهُ فَقَدْ أَنْجَزَهَا، وَلَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى، يَعْنِي قَوْلَهُ: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] . فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي، وَلَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الْمَغْفِرَةِ