، وَقَدِمَا مَكَّةَ فَسَأَلَا عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فَقِيلَ: هُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَقَالَا: يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا ابْنَ هَاشِمٍ، يَا ابْنَ سَيِّدِ قَوْمِهِ، أَنْتُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ وَجِيرَانُهُ، وَعِنْدَ بَيْتِهِ، تَفُكُّونَ الْعَانِيَ، وَتُطْعِمُونَ الْأَسِيرَ، جِئْنَاكَ فِي ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأَحْسِنْ إِلَيْنَا فِي فِدَائِهِ، فَإِنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الْفِدَاءِ. قَالَ: «مَنْ هُوَ؟» قَالُوا: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «فَهَلْ لِغَيْرِ ذَلِكَ؟» ، قَالُوا: مَا هُوَ؟ ، قَالَ: «دَعُوهُ فَخَيِّرُوهُ، فَإِنِ اخْتَارَكُمْ فَهُوَ لَكُمَا بِغَيْرِ فِدَاءٍ، وَإِنِ اخْتَارَنِي فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِالَّذِي أَخْتَارُ عَلَى مَنِ اخْتَارَنِي أَحَدًا» . قَالَا: قَدْ زِدْتَنَا عَلَى النَّصَفِ وَأَحْسَنْتَ , قَالَ: فَدَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَعْرِفُ هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: «مَنْ هُمَا؟» ، قَالَ: هَذَا أَبِي، وَهَذَا عَمِّي، قَالَ: «فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ، وَرَأَيْتَ صُحْبَتِي لَكَ، فَاخْتَرْنِي أَوِ اخْتَرْهُمَا» ، فَقَالَ زَيْدٌ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَخْتَارُ عَلَيْكَ أَحَدًا، أَنْتَ مِنِّي بِمَكَانِ الْأَبِّ وَالْأُمِّ , فَقَالَا: وَيْحَكَ يَا زَيْدُ، أَتَخْتَارُ العُبُّودِيَّةَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ , وَعَلَى أَبِيكَ وَعَمِّكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ , إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنَ هَذَا الرَّجُلِ شَيْئًا مَا أَنَا بِالَّذِي أَخْتَارُ عَلَيْهِ أَحَدًا أَبَدًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ذَلِكَ أَخْرَجَهُ إِلَى الْحِجْرِ فَقَالَ: «يَا مَنْ حَضَرَ، اشْهَدُوا أَنَّ زَيْدًا ابْنِي أَرِثُهُ وَيَرِثُنِي» , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُوهُ وَعَمُّهُ طَابَتْ أَنْفُسُهُمَا وَانْصَرَفَا، فَدُعِيَ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ. هَذَا كُلُّهُ حَدَّثَنَا بِهِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ جَمِيلِ بْنِ مَرْثَدٍ الطَّائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَقَالَ فِي إِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيَّةَ وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَطَلَّقَهَا زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ , فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم , فَتَكَلَّمَ الْمُنَافِقُونَ فِي ذَلِكَ وَطَعَنُوا فِيهِ , وَقَالُوا: مُحَمَّدٌ يُحَرِّمُ نِسَاءَ الْوَلَدِ وَقَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ زَيْدٍ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015