كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ، فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلَانِ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ: فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ , وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ , لَا لَكَ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا، فَضَرَبَا جَمِيعًا، فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قَرْنِهِ وَوَصَلَ إِلَى دِمَاغِهِ , وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ , وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ، وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ، وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ , فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ , فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا، وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ , فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ: مَا قَتَلْتُ إِلَّا أَبَاكِ , قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ , قَالَ: فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا؟ ثُمَّ قَالَ , وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا , يَعْنِي سَيْفَهُ، فَإِنْ أَخْلَفَنِي فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ. وَبَعَثَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُ عَيْنَيْهَ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ، فَقَالَ الْأَشْعَثُ: عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ , وَتُوُفِّيَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ، لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ , وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ