ذِكْرُ عَلِيًّ، وَمُعَاوِيَةَ، وَقِتَالِهِمَا0 وَتَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالشَّامِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَالْتَقَوْا بِصِفِّينَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَلَمْ يَزَالُوا يَقْتَتِلُونَ بِهَا أَيَّامًا، وَقُتِلَ بِصِفِّينَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو عَمْرَةَ الْمَازِنِيُّ، وَكَانُوا مَعَ عَلِيٍّ، وَرَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ يَدْعُونَ إِلَى مَا فِيهَا مَكِيدَةٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَشَارَ بِذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ مَعَهُ، فَكَرِهَ النَّاسُ الْحَرْبَ وَتَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ، وَحَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ، فَحَكَّمَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَحَكَّمَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا، أَنْ يُوافُوا رَأْسَ الْحَوْلِ بِأَذْرُحَ فَيَنْظُرُوا فِي أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَافْتَرَقَ النَّاسُ، فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ بِالْأُلْفَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَانْصَرَفَ عَلِيٌّ إِلَى الْكُوفَةِ بِالِاخْتِلَافِ وَالدَّغَلِ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الْخَوَارِجُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَقَالُوا: لَا حَكَمَ إِلَّا اللَّهُ، وَعَسْكَرُوا بِحَرُورَاءَ، فَبِذَلِكَ سَمُّوا الْحَرُورِيَّةُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ فَخَاصَمَهُمْ وَحَاجَّهُمْ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ قَوْمٌ كَثِيرٌ، وَثَبَتَ قَوْمٌ عَلَى رَأْيِهِمْ، وَسَارُوا إِلَى النَّهْرَوَانِ فَعَرَضُوا لِلسَّبِيلِ، وَقَتَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ