قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: مَكَثَ عِنْدَهُمْ سَنَتَيْنِ حَتَّى فُطِمَ، وَكَأَنَّهُ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَقَدِمُوا بِهِ عَلَى أُمِّهِ زَائِرِينَ لَهَا وَأَخْبَرَتْهَا حَلِيمَةُ خَبَرَهُ وَمَا رَأَوْا مِنْ بَرَكَتِهِ، فَقَالَتْ آمِنَةُ: ارْجِعِي بِابْنِي فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لَهُ شَأْنٌ، فَرَجَعَتْ بِهِ، وَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعَ سِنِينَ كَانَ يَغْدُو مَعَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فِي الْبَهْمِ قَرِيبًا مِنَ الْحَيِّ، فَأَتَاهُ الْمَلَكَانِ هُنَاكَ فَشَقَّا بَطْنَهُ وَاسْتَخْرَجَا عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَاهَا، وَغَسَلَا بَطْنَهُ بِمَاءِ الثَّلْجِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ وُزِنَ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ فَوَزَنَهُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: دَعْهُ فَلَوْ وُزِنَ بِأُمَّتِهِ كُلِّهَا لَوَزَنَهُمْ، وَجَاءَ أَخُوهُ يَصِيحُ بِأُمِّهِ أَدْرِكِي أَخِي الْقُرَشِيَّ، فَخَرَجَتْ أُمُّهُ تَعْدُو وَمَعَهَا أَبُوهُ، فَيَجِدَانِ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مُنْتَقَعَ اللَّوْنِ فَنَزَلَتْ بِهِ إِلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَأَخْبَرَتْهَا خَبَرَهُ، وَقَالَتْ: إِنَّا لَا نَرُدُّهُ إِلَّا عَلَى جَدْعِ آنُفِنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ عِنْدَهَا سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا لَا تَدَعُهُ يَذْهَبُ مَكَانًا بَعِيدًا، ثُمَّ رَأَتْ غَمَامَةً تُظِلُّهُ إِذَا وَقَفَ وَقَفَتْ، وَإِذَا سَارَ سَارَتْ، فَأَفْزَعَهَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ أَمْرِهِ، فَقَدِمَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهِ لِتَرُدَّهُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ فَأَضَلَّهَا فِي النَّاسِ، فَالْتَمَسَتْهُ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَأَتَتْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَأَخْبَرَتْهُ، فَالْتَمَسَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَامَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ:

[البحر الرجز]

لَاهُمَّ أَدِّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا ... أَدِّهْ إِلَيَّ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا

أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عَضُدَا ... لَا يُبْعِدِ الدَّهْرُ بِهِ فَيَبْعَدَا

أَنْتَ الَّذِي سَمَّيْتَهُ مُحَمَّدَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015