مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ، وَكَانُوا قَوْمًا مِنْ يَهُودَ حُلَفَاءَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ، وَكَانُوا أَشْجَعَ يَهُودٍ، وَكَانُوا صَاغَةً، فَوَادَعُوا النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ أَظْهَرُوا الْبَغْيَ وَالْحَسَدَ، وَنَبَذُوا الْعَهْدَ وَالْمِرَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَنَا أَخَافُ بَنِي قَيْنُقَاعَ» ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَكَانَ الَّذِي حَمَلَ لِوَاءَهُ يَوْمَئِذٍ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَبْيَضَ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّايَاتُ يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْعَمْرِيَّ، ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَى هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ غَدَرَ مِنَ الْيَهُودِ وَحَارَبُوا وَتَحَصَّنُوا فِي حِصْنِهِمْ، فَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ حَتَّى قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَمْوَالَهُمْ، وَأَنَّ لَهُمُ النِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا، وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى كِتَافِهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السُّلَمِيَّ مِنْ بَنِي السِّلْمِ رَهْطِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، فَكَلَّمَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: «خَلُّوهُمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَلَعَنَهُ مَعَهُمْ» ، وَتَرَكَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُجْلَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَوَلَّى إِخْرَاجَهُمْ مِنْهَا عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَلَحِقُوا بِأَذْرُعَاتَ فَمَا كَانَ أَقَلَّ بَقَاءَهُمْ بِهَا، وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مِنْ سِلَاحِهِمْ ثَلَاثَ قَسِّيٍّ: قَوْسًا تُدْعَى الْكَتُومُ كُسِرَتْ بِأُحُدٍ، وَقُوسًا تُدْعَى الرَّوْحَاءُ، وَقُوسًا تُدْعَى الْبَيْضَاءُ، وَأَخَذَ دِرْعَيْنِ مِنْ سِلَاحِهِمْ: دِرْعًا يُقَالُ لَهَا الصُّغْدِيَّةُ، وَأُخْرَى فِضَّةٌ، وَثَلَاثَةُ أَسْيَافٍ سَيْفٌ قَلَعِيُّ، وَسَيْفٌ يُقَالُ لَهُ بَتَّارٌ، وَسَيْفٌ آخَرَ، وَثَلَاثَةُ أَرْمَاحٍ، وَوَجَدُوا فِي حِصْنِهِمْ سِلَاحًا كَثِيرًا وَآلَةَ الصِّيَاغَةِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم صَفِيَّهُ وَالْخُمُسَ وَفَضَّ