أَبُو مُسْهِرٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانَيُّ، مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَكَانَ رَاوِيَةً لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الشَّامِيِّينَ، وَكَانَ أَشْخَصَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ وَهُوَ بِالرَّقَّةِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: «هُوَ كَلَامُ اللَّهِ» وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: مَخْلُوقٌ، فَدَعَا لَهُ بِالسَّيْفِ وَالنَّطْعِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: «مَخْلُوقٌ» ، فَتَرَكَهُ مِنَ الْقَتْلِ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَدْعُوَ لَكَ بِالسَّيْفِ لَقَبِلْتُ مِنْكَ وَرَدَدْتُكَ إِلَى بِلَادِكَ وَأَهْلِكَ، وَلَكِنَّكَ تَخْرُجُ الْآنَ، فَتَقُولُ: قُلْتُ ذَلِكَ فَرَقًا مِنَ الْقَتْلِ، أَشْخِصُوهُ إِلَى بَغْدَادَ فَاحْبِسُوهُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ، فَأُشْخِصَ مِنَ الرَّقَّةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَحُبِسَ قِبَلَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمْ يَلْبَثْ فِي الْحَبْسِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ فِيهِ، فِي غُرَّةِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَأُخْرِجَ لِيُدْفَنَ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ