قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي الصَّبَّاحُ بْنُ أَبِي عَبْدَةَ الْعَنَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ كَانَ صَدُوقًا، فَأُنْسِيتُ أَنَا اسْمُهُ - قَالَ: صَحِبْتُ عَامِرًا فِي غَزَاةٍ، فَنَزَلْنَا بِحَضْرَةِ غَيْضَةٍ، فَجَمَعَ مَتَاعَهُ، وَطَوَّلَ لِفَرَسِهِ، وَطَرَحَ لَهُ قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ الْغَيْضَةَ، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ مَا يَصْنَعُ اللَّيْلَةَ قَالَ: فَانْتَهَى إِلَى رَابِيَةٍ، فَجَعَلَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ أَقْبَلَ فِي الدُّعَاءِ، فَكَانَ فِيمَا يَدْعُو: «اللَّهُمَّ سَأَلْتُكَ ثَلَاثًا، فَأَعْطَيْتَنِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعْتَنِي وَاحِدَةً، اللَّهُمَّ فَأَعْطِنِيهَا حَتَّى أعَبُدَكَ كَمَا أُحِبُّ، وَكَمَا أُرِيدُ» وَانْفَجَرَ الصُّبْحُ. قَالَ: فَرَآنِي، فَقَالَ: «أَلَا أَرَاكَ كُنْتَ تُرَاعِينِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ لَهَمَمْتُ بِكَ - وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيَّ - وَلَهَمَمْتُ وَفَعَلْتُ» قُلْتُ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، وَاللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِهَذِهِ الثَّلَاثِ الَّتِي سَأَلْتَهَا رَبَّكَ، أَوْ لَأُخْبِرَنَّ بِمَا تَكْرَهُ مِمَّا كُنْتَ فِيهِ اللَّيْلَةَ قَالَ: «وَيْلَكَ، لَا تَفْعَلْ» قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ فَلَمَّا رَآنِي أَنِّي غَيْرُ مُنْتَهٍ قَالَ: «فَلَا تُحَدِّثْ بِهِ مَا دُمْتَ حَيًّا» قَالَ: قُلْتُ لَكَ اللَّهُ عَلَيَّ بِذَلِك قَالَ: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي حُبَّ النِّسَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَخْوَفُ عَلَيَّ فِي دِينِي مِنْهُنَّ، فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي امْرَأَةً رَأَيْتُ، أَمْ جِدَارًا، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا أَخَافَ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَوَاللَّهِ مَا أَخَافُ أَحَدًا غَيْرَهُ، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي النَّوْمَ حَتَّى أَعْبُدَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَمَا أُرِيدُ، فَمَنَعَنِي»