قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ حِينَ قُتِلَ عُمَرُ: قَدْ مَرَرْتُ عَلَى أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتَلِ عُمَرَ وَمَعَهُ جُفَيْنَةُ والهرمزان وهم تجي فَلَمَّا بَغَتُّهُمْ ثَارُوا فَسَقَطَ مِنْ بَيْنِهِمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ وَنِصَابُهُ وَسَطُهُ. فَانْظُرُوا مَا الْخِنْجَرُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ عُمَرُ. فَوَجَدُوهُ الْخِنْجَرَ الَّذِي نَعَتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ.
فَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ السَّيْفُ حَتَّى دَعَا الْهُرْمُزَانَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِيَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى فَرَسٍ لِي. وَتَأَخَّرَ عَنْهُ حَتَّى إِذَا مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ عَلاهُ بِالسَّيْفِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ السَّيْفِ قَالَ:
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَدَعَوْتُ جُفَيْنَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ. وَكَانَ ظِئْرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ لِلْمِلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَكَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ صَلَّبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. ثُمَّ انْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَتَلَ ابْنَةً لأَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةً تَدَّعِي الإِسْلامَ. وَأَرَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ لا يَتْرُكَ سَبْيًا بِالْمَدِينَةِ إِلا قَتَلَهُ. فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ عَلَيْهِ فَنَهَوْهُ وَتَوَعَّدُوهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّهُمْ وَغَيْرَهُمْ. وَعَرَّضَ بِبَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِهِ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيْفَ. فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيْفَ أَتَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَتَنَاصَيَانِ حَتَّى حُجِزَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ أَقْبَلَ عُثْمَانُ قَبْلَ أَنْ يُبَايَعَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي حَتَّى وَاقَعَ عُبَيْدَ اللَّهِ فَتَنَاصَيَا. وَأَظْلَمَتِ الأَرْضُ يَوْمَ قَتَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ عَلَى النَّاسِ. ثُمَّ حُجِزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ دَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي قَتْلِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي فَتَقَ فِي الدِّينِ مَا فَتَقَ. فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُشَايِعُونَ عُثْمَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَجُلُّ النَّاسِ الأَعْظَمُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُونَ لَجُفَيْنَةُ وَالْهُرْمُزَانُ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ: لَعَلَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُتْبِعُوا عُمَرَ ابْنَهُ؟ فَكَثُرَ فِي ذَلِكَ اللَّغَطُ وَالاخْتِلافُ ثُمَّ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِعُثْمَانَ: يا أمير المؤمنين إن هذه الأَمْرَ قَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَكَ عَلَى النَّاسِ سُلْطَانٌ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ.
وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ خُطْبَةِ عَمْرٍو وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُثْمَانُ وَوُدِيَ الرجلان والجارية.
قال مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: قَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُ اللَّهُ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا مِمَّنْ شَجَّعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَلَى قَتْلِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عن جده