قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ سَلْمَى مَوْلاةُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تُقَبِّلُ خَدِيجَةَ فِي وِلادِهَا. وَكَانَتْ تَعِقُّ عَنْ كُلِّ غُلامٍ بِشَاتَيْنِ. وَعَنِ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ. وَكَانَ بَيْنَ كُلِّ وَلَدَيْنِ لَهَا سَنَةٌ. وَكَانَتْ تَسْتَرْضِعُ لَهُمْ وَتُعِدُّ ذَلِكَ قَبْلَ ولادها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ الْقِبْطِيِّ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ خَيْرًا. وَأَخَذَ الْكِتَابَ. فَكَانَ مَخْتُومًا. فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ. وَخَتَمَ عَلَيْهِ. وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ. وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابَ كِتَابِهِ. وَلَمْ يُسْلِمْ. وَأَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ وَأُخْتَهَا سِيرِينَ وَحِمَارَهُ يَعْفُورَ وَبَغْلَتَهُ دُلْدُلَ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ. وَلَمْ يَكُ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: كَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ حَفْنٍ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر. أخبرنا يعقوب بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجَبُ بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.
وَكَانَتْ بَيْضَاءَ جَعْدَةً جَمِيلَةً. فَأَنْزَلَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأختها عَلَى أُمِّ سُلَيْمِ بِنْتِ مِلْحَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا.
فوطئ مَارِيَةَ بِالْمِلْكِ. وَحَوَّلَهَا إِلَى مَالٍ لَهُ بِالْعَالِيَةِ. كَانَ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. فَكَانَتْ فِيهِ فِي الصَّيْفِ وَفِي خُرَافَةِ النَّخْلِ. فَكَانَ يَأْتِيهَا هُنَاكَ. وَكَانَتْ حَسَنَةَ الدِّينِ. وَوَهَبَ أُخْتَهَا سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرِ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَوَلَدَتْ مَارِيَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُلامًا فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمُ. وَعَقَّ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِشَاةٍ يَوْمَ سَابِعِهِ. وَحَلَقَ رَأْسَهُ فَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَأَمَرَ بِشَعَرِهِ فَدُفِنَ فِي الأَرْضِ. وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ. وَكَانَتْ قَابِلَتُهَا سَلْمَى مَوْلاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَتْ إِلَى زَوْجِهَا أَبِي رَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلامًا. فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَشَّرَهُ. فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا. وَغَارَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتَدَّ عَلَيْهِنَّ حِينَ رُزِقَ مِنْهَا الولد.