زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَأْخُذُ بِأُذُنِ الْفَرَسِ وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الأُخْرَى أُذُنَهُ ثُمَّ يَنْزُو عَلَى مَتْنِ الْفَرَسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ عُمَّالَهُ أَنْ يُوَافُوهُ بِالْمَوْسِمِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالِي عَلَيْكُمْ لِيُصِيبُوا مِنْ أَبْشَارِكُمْ وَلا مِنْ أَمْوَالِكُمْ. إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيَحْجِزُوا بَيْنَكُمْ وَلِيَقْسِمُوا فَيْئَكُمْ بَيْنَكُمْ. فَمَنْ فُعِلَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَقُمْ. فَمَا قَامَ أَحَدٌ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَامَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَامِلَكَ فُلانًا ضَرَبَنِي مِائَةَ سَوْطٍ. قَالَ: فِيمَ ضَرَبْتَهُ؟ قُمْ فَاقْتَصَّ مِنْهُ. فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا يَكْثُرُ عَلَيْكَ وَيَكُونُ سُنَّةً يَأْخُذُ بِهَا مَنْ بَعْدَكَ. فَقَالَ: أَنَا لا أُقِيدُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقِيدُ مِنْ نَفْسِهِ. قَالَ: فَدَعْنَا فَلْنُرْضِهِ. قَالَ: دُونَكُمْ فَأَرْضُوهُ. فَافْتَدَى مِنْهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ. كُلُّ سَوْطٍ بِدِينَارَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعُسُّ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَلا يَرَى فِيهِ أَحَدًا إِلا أَخْرَجَهُ إِلا رَجُلا قَائِمًا يُصَلِّي. فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ أُبَيُّ: نَفَرٌ مِنْ أَهْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَا خَلَّفَكُمْ بَعْدَ الصَّلاةِ؟ قَالَ: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ. قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَ لأَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ:
خُذْ. قَالَ فَدَعَا فَاسْتَقْرَأَهُمْ رَجُلا رَجُلا يَدْعُونَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ:
هَاتِ. فَحُصِرْتُ وَأَخَذَنِي مِنَ الرِّعْدَةِ أَفْكَلٌ حَتَّى جَعَلَ يَجِدُ مَسَّ ذَلِكَ مِنِّي. فَقَالَ: وَلَوْ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا. اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا. قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ فَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ أَكْثَرُ دَمْعَةً وَلا أَشَدُّ بُكَاءً مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: إِيهًا الآنَ فَتَفَرَّقُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَّجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا وَيَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْرِهِ وَيَرْفَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَّجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ فَلا عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ جَنْبَهُ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا يَمَلَّ جُلُوسَهُ.