وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أُرَاكَ أَرَدْتَ بِهَا اللَّهَ وَمَا أَرَدْتَ بِهَا إِلا مُقَارَبَتِي إِنْ كُنْتَ لأَحْسِبُ أَنَّ فِيكَ وَيْحَكَ هَلْ تَدْرِي مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: وَمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُهُمْ؟ قَالَ: مِثْلُ قَوْمٍ سَافِرُوا فَدَفِعُوا نَفَقَاتِهِمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْنَا. فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ مِنْهَا بِشَيْءٍ؟ قَالَ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُهُمْ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْ عَلَيْكُمْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ وَلِيَشْتِمُوا أَعْرَاضَكُمْ وَيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ وَلَكِنِّي اسْتَعْمَلْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. فَمَنْ ظَلَمَهُ عَامِلُهُ بِمَظْلَمَةٍ فَلا إِذَنْ لَهُ عَلَيَّ لِيَرْفَعَهَا إِلَيَّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتَ إِنْ أَدَّبَ أَمِيرٌ رَجُلا مِنْ رَعِيَّتِهِ أَتُقِصُّهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا لِي لا أَقُصُّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ؟ وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ: لا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ وَلا تَحْرِمُوهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ.

قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لما تُوُفِّيَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يُقَالُ لَهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قِيلَ لِعُمَرَ خَلِيفَةُ خليفة رسول الله. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ عُمَرَ قِيلَ له خليفة خليفة خليفة رسول الله. ع. فَيَطُولُ هَذَا. وَلَكِنْ أَجْمِعُوا عَلَى اسْمٍ تَدْعُونَ بِهِ الْخَلِيفَةَ يُدْعَ بِهِ مَنْ بَعْدُهُ مِنَ الخلفاء. فقال بعض أصحاب رسول الله. ص:

نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَعُمَرُ أَمِيرُنَا. فَدُعِيَ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ التَّأْرِيخَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فَكَتَبَهُ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي الصُّحُفِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ إِلَى الْبُلْدَانِ. وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَجَعَلَ لِلنَّاسِ بِالْمَدِينَةِ قَارِئَيْنِ. قَارِئًا يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَقَارِئًا يُصَلِّي بِالنِّسَاءِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ وَاشْتَدَّ عَلَى أَهْلِ الرِّيَبِ وَالتُّهَمِ وَأَحْرَقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ حَانُوتًا وَغَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ إِلَى خَيْبَرَ وَكَانَ صَاحِبَ شَرَابٍ. فَدَخَلَ أَرْضَ الرُّومَ فَارْتَدَّ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَسَّ فِي عَمَلِهِ بِالْمَدِينَةِ وَحَمَلَ الدِّرَّةَ وَأَدَّبَ بِهَا. وَلَقَدْ قِيلَ بَعْدَهُ لَدِّرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِكُمْ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَحَ الْفُتُوحَ وَهِيَ الأَرْضُونَ وَالْكُورُ الَّتِي فِيهَا الْخَرَاجُ وَالْفَيْءُ. فَتَحَ الْعِرَاقَ كُلَّهُ. السَّوَادَ وَالْجِبَالَ.

وَأَذْرَبِيجَانَ وَكُورَ الْبَصْرَةِ وَأَرْضَهَا وَكُورَ الأَهْوَازِ وَفَارِسَ وَكُورَ الشَّامِ مَا خَلا أَجْنَادَيْنِ فَإِنَّهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015