فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنهم اليوم كثير. قال فقال: وا عجبا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فِيهِمْ؟
قَالَ: فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تَسْفِي الرِّيحُ عَلَيَّ التُّرَابَ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ لِي: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ فَأَقُولُ: لا. أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ! فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. فَعَاشَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلِي لَيَسْأَلُونِي فَيَقُولُ: هَذَا الْفَتَى كَانَ أَعْقَلَ مِنِّي! أُخْبِرْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَجَدْتُ عَامَّةَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الأَنْصَارِ فَإِنْ كُنْتُ لآتِي الرَّجُلَ فَأَجِدُهُ نَائِمًا لَوْ شِئْتُ أَنْ يُوقَظَ لِي لأُوقِظَ فَأَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ تَسْفِي عَلَى وَجْهِي الرِّيحُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ مَتَى مَا اسْتَيْقَظَ وَأَسْأَلُهُ عَمَّا أُرِيدُ ثُمَّ أَنْصَرِفُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: الْيَوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سَبَقَهُ وَفِقْهٍ فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ وَحِلْمٍ وَسَيْبٍ وَنَائِلٍ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَلا أَعْلَمَ بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مِنْهُ. وَلا أَفْقَهَ فِي رَأْيٍ مِنْهُ. وَلا أَعْلَمَ بِشِعْرٍ وَلا عَرَبِيَّةٍ وَلا بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَلا بِحِسَابٍ ولا بفريضة منه. ولا أعم بِمَا مَضَى وَلا أَثْقَفَ رَأَيَا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ. وَلَقَدْ كَانَ يَجْلِسُ يَوْمًا مَا يَذْكُرُ فِيهِ إِلا الْفِقْهَ وَيَوْمًا التَّأْوِيلَ وَيَوْمًا الشِّعْرَ وَيَوْمًا أَيَّامَ الْعَرَبِ. وَمَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ جَلَسَ إِلَيْهِ إِلا خَضَعَ لَهُ وَمَا رَأَيْتُ سَائِلا قَطُّ سَأَلَهُ إِلا وَجَدَ عِنْدَهُ عِلْمًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي دَاودُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ:
ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ النَّاسِ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا وَلا