وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْقَضِيَّةِ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. قَالَ: وَقَعَدُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَهُمْ. وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ.
قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمُ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلا إِبْقَاءٌ عَلَيْهِمْ.
فَلَمَّا رَمَلُوا قَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا وَهَنَتْهُمْ.
ثُمَّ سرية ابن أَبِي العوجاء إلى بني سليم فِي ذي الحجّة سنة سبع مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابن أَبِي العوجاء السُّلمَي فِي خمسين رجلا إلى بني سليم. فخرج إليهم وتقدمه عين لهم كَانَ معه فحذرهم فجمعوا فأتاهم ابن أَبِي العوجاء. وهم معدون لَهُ. فدعاهم إلى الْإِسْلَام فقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا. فتراموا بالنبل ساعة وجعلت الأمداد تأتي حتى أحدقوا بهم مِن كل ناحية.
فقاتل القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم وأصيب ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا مَعَ الْقَتْلَى ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقدموا الْمَدِينَةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِن صَفَرٍ سَنَةَ ثمان.
ثُمَّ سرية غالب بْن عَبْد اللَّه الليثي إلى بني الملوح بالكديد فِي صفر سنة ثمان من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بني كلب بن عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ. فَكَتَبَ فِيهِمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ. وَهُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ. قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ أُرِيدُ الإِسْلامَ وَإِنَّمَا خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -